الأردنية لمواطنة متساوية: المجتمع منقسم إلى جماعتين الأولى تهيمن على القرار والثانية مهمشة
خلصت قراءة إجتماعية أولية إلى أن تواصل سياسات التمييز والإقصاء بصورة منهجية في الأردن ضد المواطنين من أصل فلسطيني خلق حالة ثنائية غريبة معطلة لطاقة المجتمع.
وإعتبرت الرسالة أن سياسات التمييز والإقصاء المنهجية عرقلت التنمية والمجتمع المدني وغرست بذور الإنقسام بين المواطنين وتسببت بإنتاج هويات فرعية.
وقالت الدراسة التي قدمتها المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية بمراقبة وإطلاع وتقييم عالم الإجتماع الدكتور إبراهيم عثمان أنه في حالة تشكل حالة التمييز في المجتمع الواحد يحاول من يتبنون ويقومون به اعادة انتاج الوضع بما يضمن تمييزهم وتحقيق مصالحهم, في حين يحاول الذين يعانون من عملية التمييز مقاومة الوضع وتحقيق نوعا من المساواة, وبهذا يعتبر الجماعة الاولى فئويا , بينما ترمي محاولات الجماعة الثانية الى تحقيق المصلحة العامة .
وفيما يلي تنشر القدس العربي ملخص هذه القراءة:
يشكل المجتمع الأردني في اطار دولة واحدة نتيجة ظروف تاريخية, وقد كانت قد تشكلت في الضفة الشرقية دولة, بينما لم تكن في الضفة الغربية دولة, ومع هذا جدت محاولات تحقيق مشاركات متساوية في مؤسسات الدولة, وان كانت نسب المشاركة في المؤسسات العسكرية والأمنية متباينة لصالح ابناء الضفة الشرقية.
تدخلت الظروف الاقتصادية واسواق العمل في تكون التنافس والصراع فكان لأسواق العمل في الخليج فرص لأبناء الضفة الغربية, وتركت فرص العمل المحلية الحكومية خاصة لأبناء الضفة الشرقية.
تبدل هذا الوضع بإغلاق فرص العمل الخليجية تفجر التنافس والصراع والمخاوف , مما أدى الى حرص ابناء وقيادات الضفة الشرقية على الحفاظ على ما أسموه الحقوق المكتسبة واقصاء من هم من اصول فلسطينية عن الأردنيين من المنافسة.
ترتب على تحقيق المصالح الاقتصادية ورافقها تحقيق القوة والنفوذ في القرارات السياسية والتشريعية لأبناء الضفة الشرقية.
وقد تمكنوا من تعميم عمليات اقصاء الآخر عن معظم النشاطات عدا مجالات الاقتصاد الخاص.
انقسم المجتمع نتيجة هذه العمليات الاقصائية تمييزا الى جماعة مهيمنة على القرار واخرى مهمشة واصبح الوضع الفعلي للممارسات مخالف لما جاء في الدستور من أسس المواطنة المتساوية.
عمليات التمييز هذه والتي اصبحت سياسات رسمية جارية ومستمرة أفرزت سلبيات عرقلت عمليات النمو والتنمية في المجتمع.
من هذه النتائج السلبية تهميش نفس طاقات المجتمع, وغرس بذور الصراع, اعتمد الأردن كمصدر اساس للدخل القومي على قوة البشرية, لكن عمليات التمييز امتدت لتصل معايير اختيار طلبة الجامعة, فاستبدلت معايير الكفاءة بالفرد والتخصص مما ادى الى هبوط التعليم ومستويات الخريج , الأمر الذي افقده قدرة التنافس مع القوى من خارج الأردن.
وقد أدت عمليات الإقصاء للأردنيين من اصول فلسطينية إلى وصول افراد الى مجالات التدريب الجامعي من غير المؤهلين, مما زاد في تدهور المستوى التعليمي, هذا الى جانب تدهور الاداء في المؤسسات الحكومية الاخرى.
ان عملية التمييز هذه تؤدي الى شعور المميز ضدهم بالظلم الذي قد يولد مواقف وافعال عدائية, في حين يولد لدى المميزين الركون الى خصائص ولدوا فيها, يفقدهم الحافز للتحصيل, ويجعلهم يشعرون انهم في مأمن من تطبيق القانون ,فيتبارون في اظهار خرقة لارتباط هذا بما يتصورون من ابراز المكانة الإجتماعية المميزة.
مجتمع التمييز الذي يحاول من يملكون القوه اعادة انتاجه يفتت المجتمع, فاضافة الى الصراعات المحتملة, واضاعة الطاقات البشرية يفتح الابواب للتدخلات الخارجية المشتتة والمخربة.
يبرز في مجتمع التمييز مشكلتي الانتماء والهوية ويرتبط ولاء المتميزين بدوام تحقيق مصالحهم , ويختفي هذا الولاء بزوال المصالح, ويحاول هؤلاء خلق هويات لمأسسة التباين والتمايز, فيحاولون اسقاط الهوية الدستورية وابدالها بما يفقد الآخر حقه في المساواة.
في الوقت نفسه يحاول المميز ضده تحقيق هوية عامة تقوم على المساواة.
ضمن هذا المنظور من ارتباط التمييز بمصالح فئوية, تسعى جماعة التمييز على احياء التجمعات ذات العضوية الالية الناتجة عن الولاء, وعرقلة كل مسعى لوجود جماعات ومؤسسات المجتمع المدني اذ تحمي التجمعات الطبيعية في العشيرة والجهة العضوية, وضمان اقصاء الآخر وتبقى هي الوسيط الفاعل بين الفرد والدولة, وحتى في ايصال الفرد لمراكز القوه.
التحيز والتمييز يتنافيان مع تحقيق دولة القانون والمواطنة القائمة على العدل والمساواة يفرزان وضعا يفقد فيه المجتمع الافادة من الكفاءات.
من مصادر قوة الدولة وحدة وطنية, تسمح بالتعدد والتباين ضمن ضمان حقوق جميع الفئات والمجتمعات, وأي مظهر للتمييز يصبح من مصادر الضعف والصراع والهلاك.