ليس دفاعا عن بشار الاسد، غير ان اتهامه بمقتل المسؤول الامني وسام الحسن، اتهام سياسي مقصود، ولا يمكن للاسد ان يقتل الحسن، في هذا التوقيت بالذات، وبهذه الطريقة، والذي قتل الحسن، اسرائيل وعملاؤها الكثر في لبنان.
السبب في ذلك بسيط، فالحسن اولا كشف شبكات التجسس اللبنانية مع اسرائيل، وله ثأر كبير مع الاسرائيليين، ثم ان الحسن ذاته كشف قصة الوزير ميشيل سماحة التي قالت انه نقل متفجرات لتفجيرها في مناطق لبنانية مسيحية، من اجل اتهام القاعدة لاحقا.
لا يمكن لدمشق الرسمية مهما بلغت فيها الرغبة بالانتقام، ان تقوم بقتل الحسن هذه الايام، وتطبيق ذات السيناريو الذي كشفه الحسن ضدها، اي التفجير في منطقة مسيحية، وقتله بهذه الطريقة، ودمشق هنا متهم متوفر، والذي قتل الحسن كان يريد اتهام دمشق عملياً.
لا يمكن لدمشق الرسمية مهما بلغ الغضب فيها ان تذهب وتقتل مسوؤلا امنيا له ثأر معها، لانها تعرف ان قتله قد يؤدي الى محكمة دولية وقد يؤدي الى تداعيات كبيرة هي في غنى عنها. قتل الحسن لم يكن مصلحة سورية ابداً.
الكلام عن هدنة بين النظام السوري والمعارضة، وتصريحات الاخضر الابراهيمي، اثارت هلع قوى محددة، لا تريد للملف السوري ان يذهب الى التهدئة، فوجدت في قتل الحسن وسيلة للتصعيد مجددا، واخذ سورية الى مستوى دولي من التنديد باعتبارها قتلت الحريري والحسن وغيرهما.
ثم ان الذين قتلوا الحسن، تتعدد هوياتهم، فان لم يكونوا من الاسرائيليين مباشرة، لتوظيف دمه ضد نظام الاسد، او من اللاعبين اللبنانيين، لاعادة خلط الاوراق، فسيكونون من اي جهاز امني عالمي او اقليمي، انهى الحسن، لانتهاء مهمته او خوفا من بوح ما بأسرار مكتومة، او خطورة ما بات يشكلها، وهذا حال اللاعبين الامنيين، الذين ينتهون دوما، عند تاريخ محدد للصلاحية.
هذا ليس دفاعا عن نظام الاسد، اذ ان للنظام اسبقيات في القتل الفردي والجمعي، داخل سورية وخارجها، ويكفينا ما نراه من قتل يومي في سورية، لكننا نتحدث هنا عن هذه الحالة الفردية التي يتم توظيف دم القتيل فيها لغايات اكبر ضد نظام سياسي متهم.
هل تنبهتم الى تيار الرابع عشر من اذار في لبنان، وقد ارتدوا بذلاتهم المكوية، وتأبطوا موقفا واحدا خلال دقيقة، وكأن هناك مُعلِّما واحدا اعطاهم التعليمات باتهام نظام الاسد، والغاية تتجاوز الدفاع عن بطولات القتيل، او حرمة دمه.
الاسد لم يقتل الحسن، وهو لا يملك ترف قتل الحسن في هذا التوقيت، الذي بالكاد يحمي فيه سوق الحميدية في دمشق، وهو متهم جاهز لكل طارئ، وقد نسمع في لبنان عن تصفيات اخرى بيد من لا نعرفهم، فيما المتهم الجاهز: نظام دمشق.
الذي قتل الحسن، كان يعرف مسبقاً انه سيبقى مبنياً للمجهول، وان الفاعل المبني للمعلوم سيكون دمشق الرسمية.