بقلم د.مولود رقيبات.
تابعت مثل العديد ولا اقول الالاف من الاردنيين على قناة نورمينا الفضائية مساء يوم امس ما كان يفترض ان تكون ندوة تحت عنوان عريض بارز "الاردن الى اين؟" من بلدة المزار بمحافظة اربد لرجال سياسة وحكماء يحملون مؤهلات علمية عالية والقاب براقة ومسميات في عالم السياسة والتحليل السياسي تدعو للوهلة الاولى للجلوس امام الشاشة والاستماع لهم بصمت كبير .
ولكن ولان الشاشة والاعلام المرئي وباقي وسائل الاعلام ملك للجميع ومن ادراكي ان على هذه المؤسسات مخاطبة عقول الناس اولا وبما يفيدهم وما هو جديد ويهمهم ويلمس مصالحهم، وتلتزم بدورها التثقيفي والتوعوي والتنويري فيما تقدم ارى لزاما علي كأعلامي اولا واكاديمي وارجو" ان لا يأخذ البعض علي اسم العشيرة الذي التقي فيه مع المحاور او المحاضر الرئيس في الندوة" ان اطرح سؤالا مشروعا كان استنتاجا سريعا لما شاهدت وسمعت من خلال هذه الندوة المفترضة من على شاشة نورمينا وينحصر في: ما الهدف الموضوع لهذه الندوة اصلا؟ لانني ادرك تماما بان لكل برنامج تلفزيوني او ندوة لا بد ان يكون هناك له او لها اهداف ومقاصد عليه وعليها تحقيقها،فما هو الشيء الذي تحقق من هذه الندوة عدا اللقاء البروتوكولي المعهود في شعبنا الاردني الطيب في قرانا وحاضرنا وبوادينا ومخيماتنا ؟ واللافت للنظر ان المحطة اصرت على تقديم لقطات من خارج مقر الندوة يرافقها صوت المذيع بان المحاضر" ودع " مضيفه في حين التفت الكاميرا في لقطات للضيف الكبير وهو يودع مضيفه ويمتطي سيارته الحديثة ويغادر وهو ما لا نشاهده حتى في اللقاءات الرسمية لاعلى مستويات الزيارات الرسمية.
لا اود التوقف عند السقطات الفنية للبث من رداءة الصوت وما رافقه من عدم وضوح الاسئلة التي كانت توجه للمحاور ولكن ساتخطى هذه الامور لانتقل مباشرة الى الاهم وهو الندوة المفترضة والتي توقعت ان اخرج منها بما هو مفيد ،فبالرغم من ان الضيف وهو صاحب المحطة تم تقديمه كمدير مركز التحليل السياسي ومجموعة الشرق الاعلامية وهو ما جعلنا نفترض بان الجلسة دسمة وتتضمن تحليلا سياسيا وتشريحا للحالة الاردنية بكل جوانبها وفي مقدمتها الانتخابات البرلمانية التي هي الآن العنوان الرئيس لمعظم السياسيين والاعلاميين ،الا ان النتائج كانت مخيبة للتوقعات والافتراضات والحدس الذي كان يدور في خلجي وفي نفوس الكثيرين مثلي،حيث لم اخرج بشيء جديد وما سمعناه لا يتعدى الكلام العام والمكرر الذي تعودناه من الضيف على مدى سنوات مواسم الانتخابات البرلمانية منذ العام 2003، ولم يات بجديد يوجب التوقف عنده لما كنا ننتظره من محلل سياسي حسب ما كتب على الشاشة وظهر بشكل واضح وتكرر كل دقيقة تقريبا باننا امام اعلامي وسياسي ،وما عشناه على مدار الساعة عبارة عن تجول كلامي بين القضايا السياسية والبرلمانية خاصة، ومحاولة اللعب في الكلمات والافكار الشاردة واقتناص الكلمة دونما الوصول الى فكرة او موقف يؤكد رؤيا سياسية جديدة يكتسبها المشاهد .لقد استعرض الضيف الكريم امام ابناء المزار الذين تجمعوا يحدوهم الامل ان يسمعوا مثلي جديدا يلامس مصالحهم ومصالح الوطن المسيرة التاريخية لعملية الاصلاح وقفز الى الانتخابات وانتقد العصبية العشائرية واشاد بدور مكافحة الفساد في كنف المخابرات وخوف الناس حينها من الذهاب الى المكافحة وعرج على موضوع المال السياسي المستخدم في الانتخابات السابقة اضافة الى اعلانه عن اخفاق المجالس السابقة بتحقيق آمال وطموحات الشعب، وطال بحديثه ناقدا اصرار حكومة فايز الطراونه على اجراء الانتخابات وغيرها الكثير من الافكار المشتتة التي افتقرت الى ادنى مستويات الترتيب الفكري السياسي والربط التاريخي السليم لتأتي مبعثرة متفرقة لا يمكن ان تنم الا عن ضعف المام بالواقع السياسي ومسرح الاحداث ،وتجاهل للكاميرا التي لا تبقي صغيرة ولا كبيرة لتقدم لنا في النهاية مسرحية افتقرت الى عنوان كبير واضح خلاف العنوان الذي جاء على الشاشة. لانعلم الغاية والمبتغى من مثل هذه المحاضرات او اللقاءات والجولات التي يقوم بها ضيفنا والتي لا تقدم للاردنيين شيئا جديدا وتتضمن افكارا واحاديث تصلح للمضافات الخاصة اكثر من الشاشة التلفزيونية التي هي بالاصل عامة ويشاهدها الجميع لانها تحل علينا في البيوت دونما استئذان او طرق باب.ما سمعت وشاهدت اليوم لا يغدو عن كونه مسرحية ولكنها بحاجة الى عنوان.