عشاق المحبوبة


بقلم : أحمد نضال عوّاد.


عندما يعشق المرء محبوبته يتعلّق بها وينسى سواها من البشر ، وعندما يتعلّق بها ، فإنّه يتمنى لها الخير حتى وإن طالت بينهما المسافات ، فهي تستحقّ أن يكون بحبّها في إخلاص وثبات.


نعيش جميعنا قصة حبّ حقيقية ، لن يعترضنا فيها أحد ، ولن يوقفنا بمنتصفها شخص بدعوى الأدب أو الدّين ، فهي قصّة مشروعة وإن تعدّد العشّاق لها ، فليست هي حكر على أحد بعينه ، ولا مقتصرة على فئة دون غيرها من الفئات ، فهي محبوبة لها جمالها وسحرها الخاص ، لها رونقها الذي أسر جميع من سار في طريقها ، ونظر إلى نبع مائها العذب الذي يروي الظمأ والشّمس حارقة للأبدان ، فالكلّ متيّم بها وأصبح عاشق ولهان.


كلّ عاشق يعشق على طريقته التي يراها مناسبة لما يجسّده طموحه وآماله ، فلا يحقّ لأحد أن يشكّك في المحبة التي في القلوب ، فليس أحد علّام بالغيوب ، فنعتقد بالحبيب أنّ عشقه عظيم ، حتى وإن كنّا في شكٍّ وحيرة ،فمن نطق بالحبّ نعتقد به الإخلاص، ولا يحقّ لأيّ كان أن يهمّش أو يقلل هذا الحبّ والهُيام ، إلّا إذا ثبت بالدليل وليس بالكلام ، وبالشّواهد والأفعال وليس بالإعتقاد والأوهام، فالحبّ القويم أسير في العقول والأذهان وليس فقط في القلب والوجدان.


هكذا حبّ المواطنين لوطنهم ، وحبّ المواطنين لأرضهم وأهلهم ، حبّ في العقول والقلوب ، يتجسد بأقوال وأفعال ، بما يضمن تحقيق العلوّ والإرتفاع، باختلاف الطّرق المنتهجة ، والأفعال والسلوكات المتبّعة ، فطالما الغاية تؤكّد على أنّ الطريق المسلوك ذو نفع وفائدة ، ولا يعمل على إخلال في النّظام ، فهو طريق مقبول رشيد ، لا يستطيع أحد إيقافه أو إعاقة الحركة من خلاله ، ولكن قد يستطيع أحدنا إجراء التنظيم ليكون السير سالكا دون خلل أو إعاقات .


عندما يتجسّد حبّ الجميع في شخص واحد لمحبوبة واحدة ، سواء في الطريق المنتهج أوالسّلوك المتبّع، فإنّها ستكون راضية بشكل أكبر ، فلن أقول أنّه يتوجّب علينا التوافق التّام في الآراء ؛ لأنّ ذلك سيدلّ على عيب وعفن ، فليس الكمال من صفات بني البشر ، وإرضاء النّاس كافة غاية لن تدرك، والإختلاف في الآراء والطروحات لا يفسد للود قضية ، ولا يعيق المحبة والإتفاق.


يقول المثل : " إذا كثروا الرعيان ضاعت الغنم "،فإذا تدخّل الجميع بما يعنيه وما لا يعنيه ، وبما يفقه أو يجهل عندها سيحدث عطب وخلل ، وبذات الوقت كلّنا رعاة لما قدّر لنا من مسؤولية ، وما توجّب علينا من مهام ، فليس المسؤول بالمنصب ، وإنّما المسؤول من رأى خللاً فعدّله بما يستطيع ، ومن رأى في نفسه عطَب فقوّمه وصوّبه بحيث يسير في المسار القويم.