في مقابلة لا تخلو من حدة ،حاورت اللامعة ملاك جعفر في قناة «البي بي سي» في لندن القيادي الحمساوي الدكتور محمود الزهار،في حلقة من «برنامج بلا قيود» الذي تم بثه مساء الثلاثاء.
المقابلة تسببت للمتابع بلهاث متواصل،لجرأة الاسئلة،والمداخلات التي قاطعت الزهار مراراً وتكراراً بشكل محرج وذكي ايضا،والقيادي الحمساوي كان يرد ايضاً دون ان يتورط مباشرة في اجابات محددة،تاركاً للمتابع مساحة خصبة للفهم والتحليل.
برغم ان المذيعة حاولت استمطارالخلافات بين الزهار،والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي في حركة حماس،الا ان الزهار بقي حريصاً في كلامه بأن لا يمس مشعل مباشرة،لكنه انتقده عملياً حين تم الحديث عن موقف مشعل المؤيد للثورة السورية.
الزهارقال ان التنظيمات الفلسطينية عليها ان لا تتدخل في اي شأن عربي،لان هناك فلسطينيين في كل مكان،وان اي تدخل سينعكس سلباً على الفلسطينيين،مشيرا الى وجود فلسطينيين في سورية ولبنان والاردن ودول اخرى.
جاء كلامه هذا على محمل رغبته بأن لا يبدي مشعل اي موقف من الثورة السورية،لان الكلام قد يرتد على الفلسطينيين في سورية،سواء سقط النظام السوري ام بقي مستمراً،فالفاتورة مقبلة في الحالتين.
ضرب الدكتورالزهار امثلة على كلفة بلورة مواقف من الشؤون العربية،وتحدث عن حركة فتح وبقية التنظيمات الفلسطينية وتدخلها في الشؤون الاردنية خلال احداث ايلول عام 1970 وقبلها مما ادى وفقا لتعبيره الى طرد التنظيمات من الاردن،بعد احداث ايلول.
طابق هذا المثل مع مثلين آخرين،اولهما تدخل ذات التنظيمات وفتح تحديداً في لبنان واحداث لبنان،وتورطها كطرف في الحرب الاهلية في لبنان،ودخولها ضمن الصراع،مما ادى الى طرد الفصائل من لبنان والشك في الفلسطينيين.
ثم تورط فتح وقيادة المنظمة التي هي من فتح بطبيعة الحال،في قصة احتلال العراق للكويت،وتوريط الفلسطينيين في موقف صعب،ادى الى دفعهم الثمن مرتين،من الكويت،وعراق ما بعد صدام حسين لاحقا،عبر طردهم من البلدين ايضا.
نظرية الزهار حول الكلفة التي يدفعها الفلسطيني دوما،نظرية مهمة،وصحيحة،حتى لو تم توظيفها لنقد مشعل في اطار التراشقات داخل الحركة،خصوصا،ان جناح الزهار ايضا قريب من ايران والمعسكر العربي التابع لها،وعمليا ينطبق النقد على ذات الزهار.
السطر الناقص في مقابلة الزهار،يقول انه لم ينتقد التنظيمات اليسارية والقومية الفلسطينية الجالسة في دمشق حالياً،والتي تقف الى صالح النظام السوري،جالبة العداء للفلسطينيين في سورية من جانب جمهور الثورة وانصارها،واقتراب الزهار من ايران يعني بالضرورة اصطفافه مع النظام السوري،وهكذا تعيد المشكلة التي يؤشر عليها،توليد نفسها بشكل او بآخر.
نقده لأمنيات مشعل للثورة السورية تعبير عن المكاسرة فقط داخل الحركة،وبحث عن هنات مشعل،وهو امر مؤسف ان يخرج الى العلن،لان مشعل الذي يعاند النظام السوري،لايختلف عن الزهار الذي يقترب من ايران،وبالتالي معسكرها في دمشق.
بهذا المعنى فإن نقد «الزهار»ينطبق ايضا على «الزهار»!.