نمو اقتصادي أسير المتغيرات

لم يكن مفاجئا ان يحقق الاقتصاد الوطني نموا هزيلا في الربع الثاني لا يتجاوز 2.9 بالمائة ، فجميع المؤشرات المالية تدلل على ان اتجاهات النمو مقيدة بالكثير من العوائق والتحديات التي تعصف باستدامتها ، فالنمو الحقيقي يبقى اسير المتغيرات في المناخ الاقتصادي للدولة .
منذ نهاية الربع الثالث في عام 2010 والنمو الاقتصادي في اتجاه سالب عكس السنوات السابقة التي تراوحت معدلات النمو التحقيقية بين 5-6 وبالمائة خلال الفترة بين 2003 – 2008 .
معدلات نمو منخفضة يعنى وجود جزء من عملية الانتاج في الدولة لا تعمل وفق طاقتها المخطط لها ، اي ان هناك هبوطا عاما في معدلات الانتاج عند المؤسسات التي تولد دخلا وتوظيفا في الدولة ، ورغم ان النمو في الربع الثالث من هذا العام افضل نسبيا مما كان عليه في العام الماضي الا ان الخلل مازال واضحا في الاقتصاد الوطني من تعطل ماكنة الانتاج لاجزاء رئيسية من النشاط الاقتصادي.
العمود الرئيسي الرافع للنمو هو التدفقات الاستثمارية الى البلاد ، وهذه مسالة مرتبطة بعاملين رئيسيين ، الاول متعلق بحالة عدم الاستقرار الاقليمي وتصاعد عمليات العنف في المنطقة ، وساهم هذا جليا في تجميد التدفقات الاستثمارية التي كان الاردن يعول عليها في خلق وظائف عمل جديدة لالاف الخريجين من الجامعات من جهة ، ورفد احتياطيات المركزي بعملات صعبة تكون حصنا لسعر صرف الدينار من جهة اخرى.
العامل الثاني مرتبط بالشان الداخلي ، فتصاعد اعمال الاحتجاجات والاعتصامات اثرت على الصورة العامة لمفهوم الاستقرار في الاردن والذي كان على الدوام عنصر جذب للمستثمرين وتحفيزهم للقدوم الى الممملكة
الا ان السبب الداخلي الاهم هو ضعف البنية المؤسسية لبيئة الاستثمار الرسمي واستسلام المستثمرين المحليين للواقع المحلي والاقليمي وجمودهم في اماكنهم وعدم تحركهم لاسواق غير تقليلدية اعتادوا على التعامل معها.
منذ اشهر ولم يسمع احد عن حملات ترويجية لبيئة الاستثمار المحلية في اسوا ق الخليج او الاسواق العالمية ، لا بل ان قانون الاستثمار مازال قانونا مؤقتا وهو يبعث برسالة غير ايجابية للمستثمرين الذين دائما وابدا يتطلعون الى بيئة اعمال مستقرة تشريعيا ، للاسف لقد فقدنا في الاردن هذه الميزة بسبب كثرة تعديل التشريعات الاقتصادية من قوانين الضريبة والاستثمار والشركات وغيرها .
صحيح ان المساعدات والمنح الخارجية تساعد الاقتصاد الاردني على تجاوز ازمته ، لكنه سيكون لوقت قصير جدا سرعان ما سنسمع الاصوات من جديد وهي تنادي بضرورة قدوم مساعدات اضافية للخزينة كما هو حاصل في كل عام.
الاساس السليم هو تعزيز بنية العمل المؤسسي الاقتصادي ، وبناء منظومة متكاملة من اجراءات اعادة الثقة للاقتصاد الاردني لدى المستثمر المحلي والاجنبي معا، حتى يتسنى تحقيق معدلات نمو مرضية ، ولا يكون هذا عن طريق المنح او الانتظار الى حين هدوء المنطقة سياسيا ، بل يكون بالعمل على اختراق بيئة الاستثمار الاقليمي والدولي بخطاب موحد مستند الى فريق عمل متخصص محصن بقوانين مستقرة ، حينها سيكون باستطاعة الاقتصاد تحقيق نمو خارج سرب تلك التحديات ، والا سيبقى اسيرا لكل المتغيرات سواء الداخلية ام الخارجية.