وزارة التنمية السياسية: صباح الخير!
منذ تأسيس وزارةالتنمية السياسية،وأنا أشعربأعراض غريبة! لعلها ليستغريبة تماما،فسياق الحياةفي بلديالحبيب يجعلنيأختبر في كثير من الأحيان أحاسيسلا أستطيعتفسيرها بسهولةويسر.ولكنني منذ أن تم الإعلانعن تأسيسالوزارة الجديدةللمرة الأولىفي حكومةفيصل الفايزالعام 2003، شعرتأن أمرامهما على وشك الحدوث؛أمرا بحجمثورة فيديلكاسترو، وسقوطسايغون، وسطوعنجم آرنستوتشي غيفارا.قلت لنفسيإن آيديولوجيتياليسارية سوف تزيد و"تتنمّى" بروافعمشروعة وممولةمن دولتيبالذات التيلا أحبّاللجوء إلى غيرها، فلا حاجة لي بعد اليومإلى السقوطفي "احتمالاتالتمويل المشبوه"، ولا إلى عذابات الضميرمن الشكفي اننيأنفّذ "أجنداتمشبوهة" لمصلحةأعداء يطرزونكامل حدودالوطن.فرحت بـ"الوصفةالسحرية الجديدة"، فبعد اليوملن يعنينيالحديث عن "صُرر من المال" تمنحلأدعياء لا يراعون في الوطن إلّاولا ذمّة.اعتبرت، وكثيرونمن زملائيومعارفي، أن الحديث عن "أولاد الست" في مقابل "أولاد الداية" هو نمط من الخطابالذي عفا عليه الزمن،ومن العارالتطرق إليهفي مرحلةيعدوننا فيهالتنمية سياسيةغير محدودة.تأكدنا أن إنشاء وزارةالتنمية السياسيةجاء لتعزيزمفاهيم المواطنةالحقّة، وخلقهويّة جامعةبدل الاحتكامإلى هوياتفرعية بعددمواطني المملكة. أيقنا أن كرامة الإنسانوحقوقه وحريتهستكون محفوظة،فقد ولدتمؤسسة وطنيةمهمتها الأساسيةالدفاع عن هذه الجوانبالمهمة، وبالتاليصياغة ما يمكن فهرسةالأردن به ضمن الدولالمدنية الحديثة.قلنا إن الوزارة سوف تعمل ما في وسعهالتقوم بتجذيرالديمقراطية، وجعلهاسلوكا وطنيالدى مؤسساتالدولة، كما لدى الأفراد.أقسمنا بكلّالمقدسات أن الوزارة العتيدةستغيّر جميعأنماط "الكراهياتالمجتمعية"، لتشيعقيم الحوارالبنّاء وتقبّلالآخر المختلفضمن بوتقةالمواطنة الواحدةالتي لا فرق فيهابين الناسعلى اختلافمشاربهم وولاءاتهمومعتقداتهم الدينيةوالسياسية، فهي ستسهم في إشاعة مفاهيمالعدالة والمساواةبين الجميع،ما يلغيالفروقات بين المكوّنات المجتمعيةالمختلفة، بما أنها تمتلكالحقوق نفسها،ويترتب عليهاالواجبات نفسها.أليست تلك بعض اختصاصاتوزارة التنميةالسياسية في مفهومنا القاصر؟ولكن،وبعد مرورزهاء عقد على تأسيسهذه الوزارةالمهمة، هل يمكن لنا أن نتلمسفائدة واحدةلإنشائها؟لقد فشلتفي جميعسياقات الحياةالأردنية اليومية،وفصلت نفسهاعن الواقعالمحلي، لتعتمدنمطا تنظيريايتأسس على التصريحات والمحاضراتوالنظرة الفوقيةللشأن اليومي،لتفشل مرة أخرى في الاشتباك مع هذا اليوميوالتأسيس عليهلنظرية واقعيةتستلهم الخصوصيةالأردنية.هكذا، ظلت الوزارةمنفصلة، ومنفصمةعن الواقع،وظل دورهاووجودها هامشيّا،كما لو أنها مجردحلية، ليس أكثر.أكاد أجزم أن الوزراء الذينتعاقبوا على هذه الوزارة،والموظفين الذينيصل عددهمإلى أكثرمن خمسين،هم جميعهمأشخاص عاطلونعن العمل،ولم يستطيعواأن يقدمواأي شيء في مقابلرواتبهم الشهريةالتي تدفعلهم من خزينة الدولة،وبالتالي من جيوب المواطنينالذين استبشرواخيرا بهم،لكنهم لم يجدوا أي خير!mwaffaq.malkawi@alghad.jo