الأجندة الاقتصادية للحكومة الجديدة

بما ان الفريق الوزاري الاقتصادي الرئيسي لم يتغير ، فلا احد يستطيع القول ان الحكومة الجديدة تمتلك برنامجا او خطة اقتصادية تنموية جديدين .

كتاب التكليف السامي جاء على نفس النهج المتكرر للحكومة السابقة ، بمعنى انه جرى التعامل مع الحكومة الجديدة كأي حكومة اخرى وظيفتها شاملة ، ليست محصورة باجراء الانتخابات كما يعتقد البعض ، بل الزمها كتاب التكليف بوضع الاقتصاد اولوية على برنامجها جنبا الى جنب عملية الاصلاح الاقتصادي.
المشاكل التي تعترض الحكومة الجديدة هي ذاتها التي عصفت بالحكومة السابقة ، فتراجع المساعدات وانخفاض النشاط الاقتصادي وارتفاع كلف الدعم وتنامي العجز والمديونية وهبوط الاحتياطيات وتدني الصادرات والدخل السياحي وجمود الحوالات وتوقف العملية الاستثمارية ، تحديات ورثتها الحكومة الجديدة من سابقتها ، وبعضها مزمن منذ سنوات لم يتغير المشهد عليه.
لكن حتى يتسنى للحكومة الجديدة تعزيز الثقة ببيئة الاعمال المحلية ، بحيث تكون اكثر تحفيزا للمستثمرين ورجال الاعمال ، فان الامر يتطلب من الحكومة العمل اولا على تهدئة اجواء الاحتقان الموجودة لدى الشارع، وخلق اريحية بالتعامل مع مختلف الجهات خاصة القطاع الخاص الذي يعاني اليوم من مناخ عمل صعب بسبب التداعيات الخارجية والداخلية لافرازات الربيع العربي.
تهدئة الشارع من خلال الحوار الموضوعي مع كافة القوى يعني توفير اجواء مناسبة لكي يتحمل الجميع مسؤولية تعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني، هذا الامر مطلوب لان اجندة الحكومة الاقتصادية هي استكمال الاجندة الحكومة السابقة ،وهذا ما شدد عليه كتاب التكليف .
الحكومة الجديدة مطالبة باستكمال منظومة الدعم ومستحقيه بشكل واف ضمن شبكة امان اجتماعي شاملة تحمي الطبقات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع من ارتفاع الاسعار الذي قد يحدث ، وهنا الفرصة متاحة للحكومة باستكمال اعداد قاعدة بيانات لكل من يقطن اراضي المملكة ، وشرح اليات الدعم وقيمه الى من يذهب في الوقت الراهن ومن يستفيد منه ، ثم السير باجراءات الدعم النقدي بشكل عادل وحسبة موضوعية منطقية بعيدة عن عقلية»التقشف»، فالمطلوب دعم نقدي يزيد عن احتياجات الاسرة ، بحيث لا يشعر المواطن بضيق في معيشته اليومية، فالاموال متوفرة اذا ما تم تحرير الاسعار ، فسيبقى مخصصات كافية لسد العجز وخطط التنمية والتشغيل .
لا يكفي فقط لقاء القطاع الخاص بممثليه من اجل ان نقول ان هناك شراكة في التنمية ، لا بد من الاستماع لشكواهم وقضاياهم الملحة والعمل على حلها بمختلف الطرق ،فلا تنمية دون تفاعل القطاع الخاص ، ولا توظيف لالاف الخريجين دون عودة القطاع الخاص الى نشاطه وبريقه في العمل.
لن نطلب من الحكومة اعداد قانونين جديدين للضريبة والاستثمار ، لان الوقت لن يسعفها في ذلك ، لكن المطلوب هو الحزم في التطبيق الضريبي والحد منه مع حملة ترويج وبناء لعملية الترويج والجذب الاستثماري .
لدى الحكومة فرصة تاريخية في اثبات انها تعي جيدا التحديات الاقتصادية من خلال اعداد قانون موازنة 2013 ، حيث ستترجم خطة ضبط الانفاق من خلال القانون، فان احسنت ذلك فقد اسست لمرحة تنموية جديدة ، وان بقيت على نفس الاسلوب السابق ، فاننا سنستمر في السير في النفق المظلم ، فاساس الاصلاح هو اصلاح الموازنة.
التحديات هي ذاتها التحديات ، لن تحلها حكومة قد لا يتجاوز عمرها خمسة شهور ، لكن العبرة في التاسيس بشكل صحيح لبناء منظومة من الاجراءات والسياسات الاقتصادية التي من شانها تمهد الطريق لمعالجة الاختلالات الاقتصادية بطريقة مؤسسية وتزيد من الاعتماذ على الذات بدلا من انتظار المساعدات التي قد تاتي وقد لا تاتي .
Salamah.darawi@gmail.com