قرارات غير شعبية في توقيت صعب



على مكتب الرئيس بضعة قرارات اقتصادية صعبة جداً يتم تفحصها، وهي قرارات كانت ستتخذ خلال الايام الاخيرة من قبل الحكومة السابقة، وتم تأجيلها لاعتبارات معينة، وها هي تعود من جديد.

الأمني والاجتماعي حساسان جداً في هذه القصة، لأن الحكومة السابقة في آخر قرار رفع للاسعار اتخذته تسببت برد فعل شعبي، رأيناه على دوار الداخلية وفي مناطق اخرى، ما ادى الى اتخاذ قرار بتجميد هذه القرارات وليس بالغائها.

الحكومة الجديدة تعود الى ذات الملف الاقتصادي، وصندوق النقد الدولي يقول انه لن يدفع بقية القرض الذي منحه للاردن، اي بقية مبلغ الملياري دولار الا اذا اتخذ تلك القرارات، وهذه معضلة كبيرة تواجه الاردن هذه الايام.

كل الخيارات التي تتم دراستها غير شعبية، وستؤدي الى امداد الحراكات بالوقود، بخاصة ان الكلام عن التعويض، مثلا، غير مقنع، لأن التعويض سيكون هزيلا جدا، مع ما سيتكبده المواطن في البلد، جراء موجة الغلاء الجديدة المقبلة.

هناك حلول يتم طرحها، مثل زيادة بسيطة على الرواتب، او تحرير منتجات وسلع، وتأجيل اخرى، ومابين هذه الحلول فإن مهارب النجاة قليلة، والكهرباء والوقود وغيرها من منتجات سيتم رفعها في نهاية المطاف.

سيؤدي ذلك الى سلسلة من متواليات رفع الاسعار كرد فعل من جانب المنتجين والتجار، لتعويض خسائرهم، وهذا يقول ان كل البلد مقبلة على غلاء اشد على كل المستويات.

اخطر ما يواجهه الاردن هذه الايام يتعلق بالملف الاقتصادي، والربيع العربي هنا في الاردن، بواباته اقتصادية، وليست سياسية، لأن اغلب الناس لا تتوقف عند الصراع على قانون الانتخاب، ولا عند قصة تعديل الدستور، وما يمكن ان يؤثر على الاغلبية الحيادية حتى الان هو الملف الاقتصادي، وهنا مربط الفرس.

اغلبية الاردنيين تعيش بدخول تحت الاربعمائة دينار، وهناك حالة من السُخرة والعبودية في القطاع الخاص، اذ يتم تشغيل الناس ايضا بظروف صعبة ورواتب متدنية جدا، وهذه الحزمة خارج اي اهتمام، في ظل الحد الادنى من الاجور الذي لا يكفي لأبسط مصاريف العامل، فكيف بعائلته؟!.

سنصل الى يوم يكون فيه السطر المطبوع على فاتورة الماء والكهرباء، والذي يتحدث عن مقدار الدعم لك، سببا بمطالبتك بفواتير اكبر، وهذا السطر لا يطبع جزافا، بل لتهيئة المواطن لقرارات مقبلة ذات يوم.

كل هذا يقول ان حياتنا تشتد مصاعبها، وان سلامتنا سياسيا قد تكون مهددة عبرالبوابة الاقتصادية.