عبدالله النسور :إعادة تموضع أم انتحار سياسي



الدكتور عبدالله النسور شخصية وطنية معروفة عبر المواقع الإدارية والقيادية العديدة التي أشغلها على مدار الأربعبن عاما الماضية .عرف عن الرجل ذكائه وسعة إطلاعه وقوة حجته وقدرته على الحوار والإقناع ناهيك عن قدراته ومهاراته الإدارية .

 

في السنوات القليلة الماضية تحول الدكتور النسور إلى صوت معارض عنيد وناقد سياسي للحكومات المتعاقبة حيث حجب الثقة عن أربع حكومات ونقدها نقدا شديدا قاسيا وكان باديا للعيان حدية الرجل في النقد والنيل من الحكومات ممثلة برؤسائها لدرجة أن كثيرون ممن التقيناهم وبعضهم من محبي الدكتور النسور اعتقدوا بأن اختيار هذا النهج المعارض هو تعبير عن سعي الرجل للوصول إلى موقع رئيس الوزراء ولفتا لنظر أولي الأمر بأننا موجودون ويمكننا القيام بهذه المهمة. من حق الدكتور النسور السعي للوصول إلى مواقع القرار فهو مواطن أردني مؤهل وخدم بلده ويمكن أن يقدم المزيد من الخدمات لوطنه .
الدكتور النسور بحدود علمنا لا ينتمي إلى حزب سياسي بعينه لنقول بأنه يمثل تنظيما سياسيا محددا وبالتالي فإن اختياره لا يمثل قوة ذلك التنظيم ولا يعكس فكره وبرنامجه.

 

ما يعرفه كثير من الأردنيون عن رئيس وزرائنا الجديد أن مواقفه يغلب عليها المعارضة للحكومات وأن أحد رؤساء الحكومات السابقة قد وجه أجهزة الإعلام الرسمية بعدم إتاحة فرصة الظهور الإعلامي للدكتور النسور كما أنه منعه من المشاركة في ندوة سياسية من قبل الأجهزة الرسمية وقد أسهمت مواقف الدكتور النسور المعارضة وبعض المضايقات التي واجهها في زيادة شعبيته وارتفاع مخزون أسهمه عند معظم القوى الشعبية والسياسية وخصوصا المعارضة منها .
اختيار الدكتور النسور لتشكيل حكومة في هذا الوقت الدقيق من تاريخ الأردن جاء مفاجأة للمعارضة التي اعتقدت بأن مواقف الرجل في مجلس النواب ونقده الشديد للحكومات المتعاقبة وحجبه للثقة عنها قد وضعته في فئة المستبعدين عن قيادة الحكومة الأردنية فهل قبول الرجل لهذا الموقع المتقدم يمثل إعادة تموضع أم انتحار سياسي؟

 

برأينا فإن قبول المعارض الدكتور عبدالله النسور بتشكيل الحكومة الأردنية لا يشكل انتحارا سياسيا على الإطلاق لأن الرجل لم يكن معارضا للنظام أصلا وهو مؤيد تأييدا تاما وناجزا للملك وبالتالي فهو لم ينقلب على أحد لا بل فإن معارضته كانت ربما تنم عن طموحه المشروع وسعيه للفت نظر أولي الأمر إلى شخص عبدالله النسور وأهليته لشغل هذا الموقع .

 

الدكتور النسور موضعه وموقعه دوما مع النظام وهو حسب تعبيره الشخصي ابن النظام وليس معارضا له ولعل تصريحاته الكثيرة والمثيرة بعد حلف اليمين الدستورية أمام الملك تشير إلى أنه من القواعد والمعاقل التقليدية الداعمة للنظام .

 

الدكتور النسور نال الموقع الذي طمح فيه وسعى إليه ونعتقد أنه أهل له ولديه من القدرات والمهارات لإدارة وتسيير شؤون الدولة خلال مرحلة الانتخابات النيابية ولكننا لا نعتقد بأن إدارته في هذه المرحلة ستضيف شيئا كثيرا يمكن أن يلمسه المواطن ونحن على ثقة بأن الدكتور النسور لن يمهله الوقت القصير المتاح لحكومته لإنجازات إيجابيه ملموسة لا بل يمكن أن يكون مضطرا لاتخاذ قرارات اقتصادية صعبة ستستهلك ما تبقى له من رصيد شعبي ربما تجعل من ختام خدمته العامة ليس مسكا.