قرارات مدروسة وجاهزة

تركت حكومة الطراونة المستقيلة خلفها مجموعة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت مدروسة وجاهزة للصدور في الجلسة الأخيرة للحكومة. وهي قرارات تعرف كل حكومة سابقة ولاحقة أنها ضرورية ، ولا بد من اتخاذها ، ولكنها تتردد لأن القرارات الصعبة ليست شعبية ، ولأن المزاج الشعبي العام السائد في الظروف الراهنة مناخ احتجاجي ولا ترغب أية حكومة في إعطاء ذخائر للمحتجين ليجدوا ما يحتجون عليه ، خاصة إذا كان الاحتجاج سيحصل في وجه حكومة جديدة تبنى عليها آمال عريضة.

ليس أمام حكومة النسور الجديدة شهر عسل طويل ، والمائة يوم الاولى يجب اختصارها إلى 30 يومأً فقط ، فالوقت قصير ، ولن يظل اسمها حكومة جديدة بعد شهر من تشكيلها. ووقت التحرك هو الآن للاستفادة من حق كل حكومة جديدة بأن تأخذ قرارات هامة دون أن تتعرض للنقد والتجريح.

القرارات الجاهزة التي تركتها الحكومة السابقة تضم في المقام الأول ملحق موازنة لتقنين نفقات إضافية تتراوح بين 500 إلى 700 مليون دينار ، وقرار إصلاح عملية الدعم الاستهلاكي بتحويل جانب منه إلى دعم نقدي يذهب للمستحقين فقط.

أما ملحق الموازنة فمن الواضح أنه سيصدر خلال أيام ، ذلك أن عودة وزير المالية الذي تم إعداد الملحق بإشرافه تعني استمرارية العمل المالي ، خاصة وأن الدستور يسمح بإصدار هذا الملحق كقانون مؤقت لتمويل نفقات طارئة وغير قابلة للتأجيل.

ملحق الموازنة فرصة لإدخال تعديلات على معظم بنود الموازنة العامة التي بنيت على افتراضات لم تتحقق وتشمل الإيرادات المحلية والمنح الخارجية والنفقات الجارية وحجم الدعم. وهنا نلاحظ أن الوقت ضيق جدأً لأن موعد تقديم موازنة السنة القادمة قد أوشك ، ولا بد من تصحيح أرقام السنة الحالية لأغراض المقارنة ليمكن فهم التغير في الموازنة الجديدة.

وأما خطة توجيه الدعم للمستحقين فقط ، فلا تثير خلافاً من حيث المبدأ والهدف ، ولكنها تثير خلافات عديدة في أسلوب العمل ، وفي المبلغ التقديري اللازم لتعويض الشريحة الدنيا عن رفع كلفة مواد أساسية. ويبدو أن الحكومة السابقة كانت متشددة في تحديد مبلغ التعويض النقدي. الأمر الذي يسمح للحكومة الجديدة بتحسينه على أن يظل في حدود نصف كلفة الدعم الحالي للمنتجات التي سيتم تعويمها.