حكومة جديدة ومهمات محددة

المكلف بتشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات ، الدكتور عبد الله النسور نموذج حي للدلالة على أن المعارضة الحقة جزء من الدولة ، هدفها تقويم خط المسيرة ومنع الاعوجاج ، وهو لا ينتمي إلى النوع الآخر من المعارضة ضد الدولة وضد البلد المنتشرة هذه الأيام.
النائب عبد الله النسور حجب الثقة عن آخر أربع حكومات لعدم ثقته بالقدرة على النهوض بالمسؤولية ومواجهة الظروف الصعبة ، وقبوله للتكليف السامي يدل على تأكيد ثقته بالدولة وتعهده بأن ينجح فيما فشل فيه الآخرون.
الذين يعتقدون أن النسور جاء لاسترضائهم وإعادتهم إلى الحظيرة ، واهمون ، صحيح أنه كانت لديه تحفظات على قانون الانتخاب ، ولكنه أصبح قانوناً ساري المفعول وملزماً للجميع ، فالقانون لا يلزم الموافقين عليه بل الرافضين له أيضاً.
وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي لم يعقد باسم حكومة معينة بل باسم الأردن. والمفروض أن الاقتصادي عبد الله النسور أكثر حماساً للإصلاح ، ويجب أن يسبق الصندوق في عملية الإصلاح الاقتصادي فالمفروض أنه أحرص من الصندوق على سرعة خروج الأردن من الأزمة.
الاقتراحات الكاريكاتورية حول إعلان حالة الطوارئ لتعطيل الدستور وتعديل قانون الانتخاب بقانون مؤقت أو القول بأن الإرادة الملكية بحل مجلس النواب هي قرار إداري قابل للإلغاء وإعادة المجلس المنحل لتمرير تعديل على قانون الانتخاب. هذه الأفكار تفترض أن هناك اتفاقاً على تعديل القانون بالشكل الذي تطلبه جبهة العمل الإسلامي ، وأن المشكلة تكمن فقط في إيجاد الوسيلة لتحقيق ذلك. والمحاولة تدل على أن في راس كل واحد منا دكتاتور صغير يريد أن يفرض رأيه بأية وسيلة ممكنة فالغاية تبرر الوسيلة.
حتى تعديل القانون وإعطاء صوتين للدائرة لن يرضي الإخوان ، فقد رفضوا الفكرة عندما قدمتها حكومة عون الخصاونة ، فهم يريدون تجريد الملك من صلاحياته وتشكيل الحكومة من قبل أكبر الأحزاب ولو كان يضم أقل من 1% من المواطنين ويحظى بتأييد 17% من الناخبين.
الحكومة الجديدة لن تأت ِ لتنقض ما قامت به الحكومات السابقة بل لتبني عليه ، وقد جاءت في مرحلة لا تحتمل النكوص والتراجع بل السير إلى أمام.
الرئيس الجديد ياتي وهو يعرف تمامأً ماذا يريد ، وليس بحاجة لعشرات النصائح التي تطوع كثيرون بتقديمها له ، وتدور حول فكرة تأجيل مواجهة التحديات الراهنة وترك القديم على قدمه.