المطلوب من الحكومة الجديدة؟

الجواب عن السؤال في العنوان: الاستمرار في القرارات والإجراءات السابقة من دون رفع أي سعر أو ضريبة في المرحلة فما حاوله من قبلك لا يحتاج إلى الكثير من الشطارة، وعملا بمقولة "إن الدرب الأسهل قد لا يكون الأفضل"، أنصح الحكومة بالابتعاد عن هذا المسار.
لماذا؟ أجاد الرئيس في الإبقاء على بعض الوزراء خاصة أولئك المتمرسين في عملهم والذين ابتدأوا برامج ومفاوضات من أجل جذب المساعدات، وبما أن الحكومة ستبقى لبضع شهور فالأفضل الاستمرار في ما هو حسن للاقتصاد والابتعاد عن القرارات التي لن تحل مشاكل الحكومة بل قد تفاقم ما نجم من تراجع نتيجة سوء التفكير والعبارات والقرارات، فالحل الوحيد الآن هو تعظيم الإنفاق من أموال الدعم، والتوجه الصحيح هو البدء في تنشيط العملية الاقتصادية وليس تثبيطها من خلال قرارات تقلل من الدخل المتاح للمواطن، لذا ركزي سيدتي الحكومة على الدعم وإنفاقه بسرعة، ليس على سداد الدين في الخارج بل في الداخل وللمقاولين الذين أفقرتهم إجراءات لا عطاءات ولا سداد فواتير من قبل محاسبيك.
دعونا نكون واقعيين يا سيدتي الحكومة: في الثلاثة أشهر القادمة لن تحلي مشكلة البطالة أو تقللي من نسبتها التي ارتفعت في الربع الأخير إلى 13.1 بالمئة بعد أن وصلت إلى 12.3 بالمئة في الربع الذي سبقه، ولن تحلي مشكلة الفقر ومعدلها لا يزال 13.5 بالمئة وهو متفائل جدا، فحلها كما البطالة يحتاج الى سنين وليس إلى شهور، ويحتاج الحل الى استراتيجيات تنبثق عن سياسات وأدوات وآليات عمل تتحاور مع أصحاب العلاقة وغالبيتهم في كل مكان، بل إن عدد الفقراء فعلا يفوق نصف السكان.
لن تسطيعي أنت أو أية حكومة أخرى أن تحلي هذه المعضلة لأنها ظاهرة وليست سببا، وهي ثمار نظام يركز على الشخصيات والأشخاص بدلا من المؤسسات، ولو كان يهتم أكثر بالمؤسسات لكان حوارنا أفضل ولكن كيف ستعلمين أنت ومن سبقك ولو أنه أطيل عمره لسنوات بفقر وبطالة المحافظات من عمان وما يجب عمله لحل مشاكلهم المزمنة؟ لن تستطيعي فلا تعدي ولا تفعلي أكثر من أن تسرعي بإحضار المساعدات وإنفاقها على الناس هناك وبعيدا عن الدوار الرابع.
ولن تستطيعي تخفيض العجز فها هو الملحق بانتظارك لمتابعة الأمور كما هي، ولن تستطيعي أبدا أن تخفضي من الدين العام فإرثك من الدين كبير، ولتعظيم حملك ولأن من سبقك لا يريد أن يرحل الأزمات، فقد استدانت الحكومة في الثمانية أشهر الماضية 2400 مليون دينار، أي بمتوسط 300 مليون دينار شهريا.
والغريب أن كل هذا الدين كان يجب أن يحفز الاقتصاد لو أنه أنفق في هذا الاقتصاد الصغير المتعطش للاستثمار والتنمية، ولكن لم ينجم عن الدين إلا المزيد من التوجس والقلق حول الصحة العامة لك ولنا، وذلك لأنه أنفق على الأوجه الخطأ، فنسبة النمو تراوح مكانها بل تراجعت كما أخبرنا من سبقك.
لذا لا تعدي بتخفيض الدين أو أن تحاولي ذلك، وأريد أن أعلمك شيئا قد تكونين لا تعلميه وهو أن المستوى الحرج للدين العام المتعارف عليه دوليا هو 200 بالمئة ، وذلك حسب الأدبيات.
وسنقبل أن يصل الدين إلى 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في ظل تحسن الاقتصاد خلال عام وعودته الى معدلات نمو حقيقية تفوق 7 بالمئة ، فحينها ستحلين مشاكل ديونك لأننا سنكون بوضع أفضل وحينها سنحتمل قرارات الرفع الجائرة وسنقبل بها مثلنا في ذلك مثل شعوب المنطقة، ولكن إن حاولت رفع الرسوم والضرائب بقصر نظر كما فعل من سبقك وفي ظل نشاط اقتصادي مترد فإن الأمور ستسوء اقتصاديا وبالتالي سياسيا.
ماذا تستطيعين أن تفعلي؟ أن تحسني الوضع الاقتصادي العام، وأن تبدأي معنا بحوار متفائل، وأن لا تقومي برفع الأسعار فمن يستدين 2400 مليون في 8 أشهر يستطيع أن يستدين أكثر في الثلاثة القادمة، ولا تحاولي الاندفاع خلف السوبرمانات وفكري لصالحنا كاقتصادي وليس كمحاسب.
ولا تحاولي إدارتنا كشركة فالحكومات ليست شركات والشعوب لا تقاد بضرورات الأرقام بل بطموح وخطط تهدف الى التحسين وتبدأ من حيث نحن، ونحن فقراء، عاطلون من العمل وليس بجيوبنا ما يمكن أن نعطيك ولكن حين تساعديننا على تحسين أوضاعنا لك منا كل شيء فالأردنيون كرماء مطواعون، نبلاء في الشيم والكرم واحترام الآخر.