الإخوان.. من سياسة الإقصاء وإلغاء الآخر إلى نهج »التقية«
كل شعوب الارض، تتوق الى الحرية، وترفض سيطرة الفرد الواحد او اللون الواحد على الشأن العام، فقد دفعت تلك الشعوب من مقدرات اوطانها وارواح ابنائها ثمنا للحرية والاصلاح ، التي تنعم به في يومنا هذا، ومن هنا، يبدو واضحا ان من ينادي بالاصلاح ، والحرية عليه ان يتعايشها ويطبقها في منظومته السياسية والاجتماعية ، وصولا الى تعميمها ، على المجتمع ان استطاع بوسائله السلمية .
هذا مبدأ عام سام ، تفتخر به الدول الديمقراطية والاحزاب العريقة التي تقبل الاخر وتتداول السلطة ، وفي بلادنا لو أمعنا النظر في اكبر الاحزاب والجماعات السياسية ، لرأينا واقع مختلف تماما للاسف، فجماعة الاخوان المسلمين وحزبها المنبثق عنها جبهة العمل الاسلامي ، منذ ان شرع الاردن بالعملية الاصلاحية ، ادار لها الظهر ، بكل مكوناتها من لجنة صياغة الدستور الى التوجيه الوطني ، وغيرها من الاجراءات الاصلاحية ، سعيا لاقتناص فرصة حالمة هنا أوهناك لاستئثار ما هو اكبر من ذلك ، وفق المعطيات الاقليمية في دول الربيع العربي،للانقضاض على البلاد والعباد، وتسيد المشهد السياسي، في خطوة تتفق و الديكتاتورية والفكر الاقصائي الذي بدأت تنتهجه جماعة الاخوان منذ اندلاع ثورات الربيع العربي .
ومما يعزز اننتهاج الفكر الاقصائي ، والاستئثار بالسلطة لدى جماعة الاخوان ، ما تشهده هذه الايام نقابة المعلمين التي تسيطر عليها الجماعة من نقاشات حول النظام الانتخابي ، اذ تدفع الجماعة باتجاه تبني نظام القائمة المغلقة المطلقة ( 1 )، الذي لا يعترف بوجود الآخر، ولا يؤمن بتداول السلطة ، ما دام انه كفيل بتحقيق مصالحها وطموحاتها النقابية والسياسية ، ومن هنا يبدو واضحا عدم قبول جماعة الاخوان بكل اشكال والوان الاصلاح الذي شرع به الاردن ما دام لا يعطيها السيطرة المطلقة على اركان الدولة كافة .
هذا الفكر الاقصائي الذي يمثل أعمدته في الجماعة ثلاثة قياديين ، باتوا يسيطرون ويحركون الجماعة بقواعدها على « الريموت كنترول»، ويتوعدون من يخرج عن طوعهم بالمحاكمة الداخلية ، بل ذهب أحدهم الى ابعد من ذلك ، بالتنبيه على منتسبي الجماعة ، بعدم الاستماع الى اي تصريح صادر من القواعد من هنا أوهناك ، وان قرار الجماعة صادر عنهم فقط، ومن يخرج عنهم يعرض نفسه للمساءلة.
بهذه السياسة المتسلطة الديكتاتورية التي تسيطر على مفاصل جماعة الاخوان المسلمين تسعى الى الاصلاح والوصول الى السلطة في الاردن ، لترجمة مبادئها الاقصائية والتهميش ورفض الاخر ، وهو ما عرضَها الى فشل ذريع في الشارع ، قل مثيله في حياتها السياسية عبر عشرات السنين .
ومنذ ان كلف الدكتور عبد الله النسور بتشكيل الحكومة ، استبشرت قيادات الاخوان خيرا، ورفضت الحكم على الحكومة مبكرا، الى ان تم اللقاء بين الرئيس النسور وقيادات اخوانية قبل اداء القسم الدستوري امام جلالة الملك ، لتخرج علينا الجماعة بعد انتهاء اللقاء بالتصريحات المتناقضة ،التي وصفت الحكومة بأنها لا تختلف عن غيرها، وان اللقاء جاء كــ « رفع عتب « ، طالما انه لم يحقق اهدافها وطموحاتها السياسية ، بل ذهبت الجماعة الى ابعد من ذلك ، اذ بدأت بالتأليب على الحكومة ، واتهامها بتنفيذ مخططات اميركية اسرائيلية ، في يومها الاول من التشكيل .
من هنا ، يبدو أن جماعة الاخوان المسلمين ، بالاضافة الى سياسة الاقصاء والتهميش ، ورفض الاخر ، بدأت تتبع سياسة او نهج التقية اي «سياسة المداراة عند الحاجة «، وما دام ان حاجة الاخوان لم تتحق عند حكومة الدكتور النسور ، فسقطت التقية وظهر الوجه الحقيقي لهم ، اذ كالوا للحكومة ابشع الاتهامات وارخصها ، قبل ان يمضي على تشكيلها يومين ، ابهذه السياسة يسعى هؤلاء الى تولي أمر المواطنين ...؟!!