طائرة حزب الله باعتبارها شأناً محلياً
باستثناءات قليلة، اعتدت في هذه الزاوية على تناول شؤون محلية أردنية، لكن مَن قال أن حادثة طائرة حزب الله للتجسس على إسرائيل لا تعد شأناً محلياً أردنياً، بل وشأناً محلياً لكل بلد عربي آخر؟ إنها كذلك بكل تأكيد، بل إنها شأن خاص وشخصي لكل منا. لقد أصبح لدينا مقاومة عربية تملك إمكانية التجسس التقني على العدو، وهذا أمر يخصنا على المستويين العام والشخصي أيضاً.
بعد انتهاء حرب تموز 2006 بأيام، قمت "على راسي"، بزيارة لبنان، وقد كانت المرة الأولى التي أسافر فيها إلى لبنان (والى حد ما إلى غير لبنان، فأنا من أقل البشر سفراً). وقتها كان هدفي أن أتحقق من مدى صدق الصورة التي كانت تنقلها الفضائيات عن الناس في الجنوب اللبناني وفي الضاحية أثناء الحرب، حيث كانت تعرض لنا صور صمود وتضحية تبدو خيالاً مما جعلني أشك أن بعض ذلك من "شغل كاميرات".
مكثت هناك ستة أيام، تحركت فيها "داشعاً" إلى حيث تأخذني أية واسطة نقل نحو الجنوب، وكنت أتوقف في أي مكان لا على التعيين، وقد وصلت فيما وصلت إلى قرية (عيتا الشعب) التي شكلت واحدة من أساطير الصمود والمقاومة، وعند وصولي سألت المارة عن أي شخص أو أسرة لم تغادر القرية خلال الحرب، فأرشدوني إلى منزل مهدم، واستقبلتني فيه أسرة فقيرة ودودة من (بيت سرور)، وأجريت معهم حواراً طويلاً في شتى شؤون حياتهم؛ الحرب والمجتمع والاقتصاد.
وما أذكره أنني بعد خروجي اتصلت بصديقي رمزي الذي اعتدت منذ حوالي 40 عاماً على تبادل مشاعري الخاصة معه يومياً، وقلت له أنني أشعر الآن وكأنني "في مكان ومع ناس من خارج هذا الكون". لقد كانت مفردات الصمود والتضحية ومقاومة العدو، تقال عند هذه الأسرة وعند العشرات ممن حاورتهم واستمعت اليهم في مواقع أخرى، ككلمات عادية تماماً الى جانب أي كلام عن باقي شؤون الحياة. وبالنسبة لهدف الزيارة الإجمالي، فقد تيقنت بأن الصورة التي كانت تنقلها الفضائيات مجرد صور جزئية أقل بكثير من الواقع.
مساء أمس الأول وبعد أن أوضح السيد نصرالله بعض تفاصيل عملية الطائرة، عادت لي المشاعر ذاتها بأننا أمام ظاهرة من خارج السياق الجاري حالياً على المستوى العربي، إنه الالتزام الذاتي بما اعتاد حزب الله أن ينصحنا به: "فتش عن إسرائيل".
ليست المرة الأولى التي يذكّرنا فيها حزب الله بأن العدو الصهيوني لا يزال موجوداً... شكراً حزب الله .