رسالة إلى نقيب المعلمين

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلى سعادة نقيب المعلمين
سعادة الأستاذ الفاضل مصطفى الرواشدة نقيب المعلمين المحترم,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,

أتوجه إليكم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان على ما تبذلونه من جهود عظيمة لتحسين أوضاع المعلمين والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم ماديا وتدريبيا وتربويا، ولكننا في ضوء الأوضاع الصعبة التي يتعرض لها المعلمون أثناء تأديتهم لواجبهم التعليمي في المدارس، أود أن ألفت انتباهكم للملاحظات التالية:

‏1_في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد والتي لا نريد الخوض في أسبابها وتداعياتها، وبسبب تعنت الحكومة ومماطلتها كما مر بنا في مواقف سابقة في منح المعلمين حقوقهم المادية كاملة، فلا ننصحكم بتضييع الوقت في المطالبة بتحسين وضع المعلم المادي، وندعوكم إلى الالتفات إلى قضايا أخرى أشد أهمية.

‏2_نظرا لما يعانيه الزملاء المعلمون في المدارس من مشاكل تتعلق بأمور ضبط الطلاب واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين منهم، وعدم تفعيل وتطبيق قوانين وتعليمات تأديب الطلبة ومتابعة سلوكهم داخل غرفة الصف بشكل خاص وداخل حرم المدرسة بشكل عام، فالوضع الحالي يتطلب مراجعة جادة لتلك القوانين والتعليمات بشكل فوري وعاجل بسبب الوضع السيئ الذي وصلت إليه العلاقة بين الهيئتين التدريسية والإدارية من جهة، وبين الطلبة من جهة أخرى. فقد تمادى الكثير من الطلاب وأصبحوا يشكلون مصدر فوضى وإزعاج في المدرسة، وكذلك أصبحوا يتعمدون التشويش على المعلمين أثناء الحصص، حتى وصل الأمر بالكثير منهم إلى الحضور متأخرين إلى المدرسة، وعدم حمل ما يدل على رغبتهم بالتعلم، أو على الأقل ما يدل على أنهم طلاب، فلا تجد معهم الكتب والدفاتر والأقلام ... والطريف في الأمر أن قسما منهم لا يحلو له النوم إلا أثناء الحصة، وتصور ثائرته إذا أيقظه المعلم.

‏3_إن الوضع النفسي المتردي الذي يعيشه المعلم يوما بيوم وحصة بحصة، يثقل كاهله وينقص عمره ويحبطه عن متابعة تدريسه للطلاب من جهة، ومتابعة تطوير وتدريب نفسه ورفع كفاءته ومستواه الأكاديمي والوظيفي من جهة أخرى. وسبب هذا الوضع تزايد مخالفات الطلاب، وابتعادهم عن السلوك السوي، ومعاملتهم السيئة للمعلمين، نتيجة عدة أسباب منها اختلال منظومة القيم الاجتماعية المبنية على المودة والاحترام والتقدير، وكذلك تخلي الأسرة عن دورها في متابعة أبنائها وتربيتهم تربية حسنة.

‏4_كما ندعو النقابة لأن يكون لها دور فاعل ومشارك في متابعة طلاب الثانوية العامة ( التوجيهي ) خاصة فيما يتعلق بإعطاء المعلم الذي هو على تماس مباشر أكثر من غيره مع الطالب، إعطائه دورا أكبر في متابعة الطالب من حيث رصد الغياب والحرمان بسبب الغياب وإجبار الطلاب على الاستمرار في الدين لحين ختم المواد الدراسية، ومنعهم من مغادرة المدرسة في وقت مبكر، وتحميل المعلمين نتائج الطلاب مهما كانت، على الرغم من أنهم لم ينتظروا لنهاية الفصل أو حتى على الأقل حتى ينتهي المعلم من شرح المادة بشكل يؤهل الطلاب لامتحانات الثانوية العامة بشكل صحيح. ولقد أصبحت مغادرة الطلاب للمدرسة قبل انتهاء الفصل الدراسي عادة سيئة، ترهق المعلمين لختم المواد بأسرع وقت، ووسيلة ضغط من الطلاب للتهرب من المدرسة، وفي المحصلة تسبب الإرهاق النفسي والجسدي للمعلم، وتمنعه من بذل أقصى طاقاته لتعليم الطلاب.

‏5_ومما زاد الوضع سوءا، سواء على المعلم أم على سمعة النظام التعليمي ككل تعليمات الرسوب الأكاديمي التي تقيد المعلم بترسيب نسبة قليلة جدا من الطلاب، فيحتار المعلم من يكن سعيد الحظ من الطلاب فينجح ومن يكن سيئ الحظ فيرسب، فينتج عن هذا الوضع جيل ضعيف أكاديميا، بالإضافة إلى سلبيات كثيرة لا مجال لذكرها الآن، ولا تعتبر أعذار بهذا الخصوص مقنعة كالتكلفة المادية للطالب مثلا.

‏‎ ‎6-لقد وصل الأمر حدا لا يطاق، فقد أصبح المعلم يتودد إلى الطالب، وهو الأحق بالتودد والاحترام، كما أصبح المعلم يتجنب إزعاج الطالب وتنبيهه، في مواقف تحتاج من الطالب إلى المتابعة والتركيز. و الأدهى والأمر من ذلك، أن أصبح المعلم يخشى، وأقولها بكل حسرة، يخشى إيقاع أي عقوبة بحق الطالب المخالف، مهما كان نوعها، بسبب تدخل الوساطات من داخل وخارج المدرسة، وبسبب عدم وجود ولو مجرد أعراف تسمح للمعلم بإبراز شخصية المعلم القيادية من الناحية التربوية، فتنطمس بذلك شخصيته ويصغر بعيون الطلاب، بل وساءت الأمور لأن يهدد الطلاب، وأعني بذلك المشاكسين ومثيري الفوضى والمشاكل داخل المدرسة والصف، يهددون المعلمين بالشكوى عليهم و ( بهدلتهم ) في مخافر الشرطة وأروقة المحاكم، والقضاء على شخصية المعلم اجتماعيا بتذلله ورجائه من المجتمع المحلي التدخل لحل المشاكل التي تواجهه مع الطلاب، والتنازل عن حقه أحيانا.
‏‎ ‎
‏7_وأخيرا، أتوجه إليك وأنت التربوي العالم بكل تفاصيل الموقف التربوي، وأنت النقابي المحنك الخبير بأساليب الحوار والإقناع والمطالبة بحقوق الزملاء المعلمين، وأنا أعتقد أن المحافظة على شخصية المعلم وهيبته أمام الطلاب هو أهم حق، فما فائدة الراتب العالي مع انحطاط وضع المعلم مهنيا واجتماعيا؟؟؟