غيروا العقلية الامنية كي يصفو وجه الوطن ....
حسنا فعل الملك عبدالله الثاني بايلاء مهمة تشكيل الحكومة الى اصلاحي عرف بمعارضته الشرسة للتدخلات الامنية في شؤون الحكم، ودعا مبكرا الى تحييد الدور الامني عن التلاعب بمجريات الساحة المحلية ، وقد بتنا نقف حقا على حافة الانفجار، وصرنا امام استحقاق دخول الفوضى الى شوارعنا، وزوال حالة الاستقرار، والامن التي تمتعت بها المملكة لعقود، وهي التي حافظت على التوافق الوطني في احلك الظروف، ولم تفقد كما هو اليوم اصول، وقواعد اللعبة السياسية التي ضمنت لجميع الاطراف مصالحهم في العملية السياسية.
وحقيقة يتحمل النهج الامني القائم، والعقليات العرفية التي تمترست خلف وصفات التهييج، وتسميم المشاعر الشعبية، ومنع قاطرة الاصلاح من ان تقلع، واعتقال النشطاء السياسيين، المسؤولية الكاملة - ، والى تعنتها، وعدم قدرتها على اخلاء طرفها من ادارة المشهد السياسي الداخلي ليتحرك وفق معادلة حرة قابلة للاستمرارية- الى ذلك تعود معظم مظاهر الشذوذ السياسي التي شهدتها الساحة المحلية، ولعل من ابرزها تعريض موقع الملك الذي كان محل اجماع، ومبعد عن الهزات، والخلافات السياسية الى حالة مزرية من التطاول والاتهامات التي لم تشهدها المملكة قط منذ تأسيسها حتى لتوجه للملك الاساءات علنا ، وترفع الشعارات المسيئة لسمعته باعتبارها امرا اعتياديا تمارسه جانب من النخب منذ حوالي السنة، وتحديدا في عهد الادارات الامنية التي القت بظلال تداعيات فشلها على الموقع الدستوري للملك عبدالله والذي كان بمنأى عن الخلاف والمسؤولية. وهذا ما نجحت فيه السياسة المغربية التي ارتقت بالملك محمد السادس فوق توازنات عملية الحكم، وابقته رمزا للدولة ، ولوحدتها ، وجعلت المساس به بمثابة اساءة تطال كل مغربي، وبعد ذلك فوض راضيا عملية الحكم لجهة الاغلبية الشعبية.
وفي الاردن تنصلوا جميعهم من مسؤولياتهم ، وتركوا الشارع تندفع بوصلته في الاتجاه الخطأ على خلفية استمرار العقلية الامنية العرفية التي تدير الحالة الاردنية المتأثرة بالربيع العربي بطريقة التأزيم والمصادمة الى حد وضع الملك في دائرة الاتهام، وتم تحويله الى خصم سياسي، وهي اسوء نتيجة منيت بها العملية السياسية في الاردن، وتتحملها الادارة الامنية التي نزلت بالملك الى دائرة الخلاف، واساءت لرمزيته في النظام السياسي، والاولى ايقافها عند حدود عملها الدستوري.
لم يخسر احد منهم شيئا، وانما حصلوا على الترفيع، والاشادة، وربما يعتقد البعض منهم من مجمل هذه القيادات الامنية انها حققت للاردن الكثير في هذه المرحلة . والحق انها الحقت بالنظام الملكي السوء بتعريض موقع الملك للشد، والتجاذب السياسي الى درجة ان درج البعض علنا على تحميل الملك مسؤولية ما الت اليه اوضاع البلد، وتفاقم حالة الفساد الراهنة، وارتفعت الهتافات ضده في شوارع المحافظات، وعلى الدواوير، وفي المسيرات والمظاهرات.
المؤسسة الامنية فشلت في الحفاظ على رمزية الملك، وحماية مكانته التاريخية التي بقي متمتعا بها الى ما قبل حلول الادارات محدودة الرؤية، التي عرضت مكانته للاساءة من خلال قراءاتها القاصرة للوضع الداخلي، وفشلها في فعل شيء سوى اعطاء مزيد من وصفات التأزيم التي عوضت فيها فشلها في الابداع، وادارة الفعل السياسي بافتعال الازمات، واستخدام الوسائل التقليدية في العمل الامني.
ووقفنا بعد امتداد هذا الخراب في الوعي السياسي امام استحقاق الشكل الاكثر جنوحا في العمل السياسي، والذي لا يقل عنه خطورة، وهو تضييع ميزة الامن والاستقرار التي بقيت تتمتع بها المملكة، ويعتبر المساس بها من محرمات العمل السياسي في الاردن، وكانت تعطيه افضلية على جواره العربي.
ولا ادري ما الذي بقي يفصل بينا وبين أي شارع عربي ملتهب بسبب سياساتهم الحمقاء، ورؤيتهم الامنية القاصرة التي حولت كافة الاطراف في الوطن الى خصوم، والى اعداء، وان اختلفت الاسباب، والدواعي. وربما اذا استمر القصور الامني في فهم الحالة الاردنية فسنصل الى ذات المربع الذي وصلته الاقطار العربية المجاورة، وندخل في دائرة الصراع الجوهري. وهو الحمل الثقيل الذي تواجهه حكومة الدكتور عبدالله النسور، وقد عرف عنه مواقفه الشجاعة، وتصديه لقول كلمة الحق في اصعب الظروف.
الربيع الاردني السلمي، والتوجه نحو ديمقراطية حقيقية يحتاج الى ربيع امني يخلي دائرة المخابرات العامة من العقليات القديمة التي حسرت دورها، والتي تفشل في التعاطي مع التحول الديمقراطي، وما تزال على استعداد تام لأن تزج بالبلد في اتون الحرائق الشعبية، والمصادمات في الشوارع، وتستغل التعصب القبلي في الصراع، والمكاسرة السياسية على حساب وحدة الوطن، وقد ازفت ساعة اقالة هذا النهج ، واستبداله بعقليات استشرافية تعنى بالوصول الى توافق وطني، وتسوية تضمن مصالح كل الاطراف السياسية.
علي السنيد
وحقيقة يتحمل النهج الامني القائم، والعقليات العرفية التي تمترست خلف وصفات التهييج، وتسميم المشاعر الشعبية، ومنع قاطرة الاصلاح من ان تقلع، واعتقال النشطاء السياسيين، المسؤولية الكاملة - ، والى تعنتها، وعدم قدرتها على اخلاء طرفها من ادارة المشهد السياسي الداخلي ليتحرك وفق معادلة حرة قابلة للاستمرارية- الى ذلك تعود معظم مظاهر الشذوذ السياسي التي شهدتها الساحة المحلية، ولعل من ابرزها تعريض موقع الملك الذي كان محل اجماع، ومبعد عن الهزات، والخلافات السياسية الى حالة مزرية من التطاول والاتهامات التي لم تشهدها المملكة قط منذ تأسيسها حتى لتوجه للملك الاساءات علنا ، وترفع الشعارات المسيئة لسمعته باعتبارها امرا اعتياديا تمارسه جانب من النخب منذ حوالي السنة، وتحديدا في عهد الادارات الامنية التي القت بظلال تداعيات فشلها على الموقع الدستوري للملك عبدالله والذي كان بمنأى عن الخلاف والمسؤولية. وهذا ما نجحت فيه السياسة المغربية التي ارتقت بالملك محمد السادس فوق توازنات عملية الحكم، وابقته رمزا للدولة ، ولوحدتها ، وجعلت المساس به بمثابة اساءة تطال كل مغربي، وبعد ذلك فوض راضيا عملية الحكم لجهة الاغلبية الشعبية.
وفي الاردن تنصلوا جميعهم من مسؤولياتهم ، وتركوا الشارع تندفع بوصلته في الاتجاه الخطأ على خلفية استمرار العقلية الامنية العرفية التي تدير الحالة الاردنية المتأثرة بالربيع العربي بطريقة التأزيم والمصادمة الى حد وضع الملك في دائرة الاتهام، وتم تحويله الى خصم سياسي، وهي اسوء نتيجة منيت بها العملية السياسية في الاردن، وتتحملها الادارة الامنية التي نزلت بالملك الى دائرة الخلاف، واساءت لرمزيته في النظام السياسي، والاولى ايقافها عند حدود عملها الدستوري.
لم يخسر احد منهم شيئا، وانما حصلوا على الترفيع، والاشادة، وربما يعتقد البعض منهم من مجمل هذه القيادات الامنية انها حققت للاردن الكثير في هذه المرحلة . والحق انها الحقت بالنظام الملكي السوء بتعريض موقع الملك للشد، والتجاذب السياسي الى درجة ان درج البعض علنا على تحميل الملك مسؤولية ما الت اليه اوضاع البلد، وتفاقم حالة الفساد الراهنة، وارتفعت الهتافات ضده في شوارع المحافظات، وعلى الدواوير، وفي المسيرات والمظاهرات.
المؤسسة الامنية فشلت في الحفاظ على رمزية الملك، وحماية مكانته التاريخية التي بقي متمتعا بها الى ما قبل حلول الادارات محدودة الرؤية، التي عرضت مكانته للاساءة من خلال قراءاتها القاصرة للوضع الداخلي، وفشلها في فعل شيء سوى اعطاء مزيد من وصفات التأزيم التي عوضت فيها فشلها في الابداع، وادارة الفعل السياسي بافتعال الازمات، واستخدام الوسائل التقليدية في العمل الامني.
ووقفنا بعد امتداد هذا الخراب في الوعي السياسي امام استحقاق الشكل الاكثر جنوحا في العمل السياسي، والذي لا يقل عنه خطورة، وهو تضييع ميزة الامن والاستقرار التي بقيت تتمتع بها المملكة، ويعتبر المساس بها من محرمات العمل السياسي في الاردن، وكانت تعطيه افضلية على جواره العربي.
ولا ادري ما الذي بقي يفصل بينا وبين أي شارع عربي ملتهب بسبب سياساتهم الحمقاء، ورؤيتهم الامنية القاصرة التي حولت كافة الاطراف في الوطن الى خصوم، والى اعداء، وان اختلفت الاسباب، والدواعي. وربما اذا استمر القصور الامني في فهم الحالة الاردنية فسنصل الى ذات المربع الذي وصلته الاقطار العربية المجاورة، وندخل في دائرة الصراع الجوهري. وهو الحمل الثقيل الذي تواجهه حكومة الدكتور عبدالله النسور، وقد عرف عنه مواقفه الشجاعة، وتصديه لقول كلمة الحق في اصعب الظروف.
الربيع الاردني السلمي، والتوجه نحو ديمقراطية حقيقية يحتاج الى ربيع امني يخلي دائرة المخابرات العامة من العقليات القديمة التي حسرت دورها، والتي تفشل في التعاطي مع التحول الديمقراطي، وما تزال على استعداد تام لأن تزج بالبلد في اتون الحرائق الشعبية، والمصادمات في الشوارع، وتستغل التعصب القبلي في الصراع، والمكاسرة السياسية على حساب وحدة الوطن، وقد ازفت ساعة اقالة هذا النهج ، واستبداله بعقليات استشرافية تعنى بالوصول الى توافق وطني، وتسوية تضمن مصالح كل الاطراف السياسية.
علي السنيد