رئيس بنكهة المعارضة
أكثرما يميزاختيار عبداللهالنسور لتشكيلحكومة جديدة،هو أنه خيار "ذكي". فالرئيس المكلفمعارض من طراز مختلف،يميزه أنه حجب الثقةعن كل الحكومات التيعاصرها حين كان نائبافي البرلمانالسادس عشر،وهو من المشككين بنزاهةانتخابات 2010، وطالماحذر الحكوماتمن تدخلالأجهزة الأمنيةفي عملها.بالنتيجة، لدينااليوم رئيسحكومة بنكهةمختلفة، وإن لم يكن من خارجالعلبة التقليديةتماما، ما خلق أجواءمن الارتياححيال اختياررئيس الوزراءالخامس خلالأقل من عام ونصفالعام.الارتياح منبعه خلفيةالرجل لناحيةمواقفه السياسية،وعلى رأسهاموقفه الرافضلقانون الانتخاب،وإجراء الانتخاباتالمبكرة، إضافةإلى رفضهلجميع التشريعاتالعرفية المقيدةللحريات، وتحفظهعلى قراراترفع الأسعار.من الأسبابالتي وقفتوراء اختيارالنسور أنه محسوب على تيار المعارضةالعقلانية، ولديهقاعدة معرفية،سياسية اقتصادية،توفرت له بعد سنواتطويلة من العمل السياسي؛فهو الوزيرلـ7 مرات، والنائب لثلاثمرات.أداؤه في البرلمان،وتحديدا في نقد الحكوماتوحجب الثقةعنها، صنع له قاعدةشعبية مريحة،وشكل عنه صورة إيجابيةفي أذهانكثيرين، ما يعطيه دفعةحقيقية للبدءفي جو إيجابي، نتمنىأن يدوم.الرئيس المكلفمن المؤمنينبولاية عامةكاملة الدسم. وهذا أكبرتحديات النسورخلال عمر حكومته القصير،إضافة إلى الملف الاقتصادي،وضمنه برنامجالتصحيح، الذيلا يقل في أهميتهوخطورته عن تحدي العمليةالانتخابية.النسور يمتلك رؤيةإصلاحية، وعلاقتهمع القوىالسياسية المختلفةطيبة، ما يعني أن بدايته ستكونمريحة، تبعاللرصيد المتوفرلديه من سنوات خبرته.بالمحصلة، لدى النسور رصيدجيد يمكنأن يتكئعليه لفترة. لكن، ونتيجةللمزاج العامالسيئ والمتطلعإلى تغيراتكبيرة ودراماتيكية،فإن المطلوبالعمل بوتيرةواضحة، تقومعلى خطواتسريعة ولكنفعالة؛ من قبيل إطلاقسراح معتقليالحراك كخطوةأولى.اللافت في توقيتتكليف النسورأن المساحةالتي يتحركفيها محدودة؛إذ لا يوجد برلمان،ما يحولدون إصدارأي قوانينأو تعديلأخرى. وهذه الظروف توفرللرئيس مبرراقويا لعدمقدرته على إحداث التغييرالذي تنشدهالقوى السياسية،وتحديدا فيمايتعلق بقانونالانتخاب وهنايكمن "الذكاء".بهذا المعنىفإن النسورسيعمل وفق المثل الشعبيالقائل: "الصلاةعلى الحاضر"؛ والحاضر في وقتنا الحاليقانون انتخابلم يحققالتوافق، لكن ما باليدحيلة؛ فاحترامالدستور وقدسيتهيمنعان اتخاذأي خطوةبهذا الخصوص.بالنتيجة، ما يتوفر بيد الرئيس من أجل "حلحلة" العقدة القائمةهي أدواتمحدودة، ولا يتجاوز الأمرالوعد بإجراءانتخابات نزيهةبدون تدخل،وتسهيل عمل الهيئة المستقلةللانتخاب. أما طرح إمكانيةإعادة فتح قانون الانتخابفيبدو محدودا،إن لم يكن مستحيلا.أهم المهماتالتي يحملهاالنسور تتمثلفي استعادةالثقة المفقودة،وتحديدا بين العامة والدولة. وللأمانة، يملكالرجل إمكاناتتؤهله لتحقيقهذه الغاية،بيد أن إنجاز هذه المهمة يتطلبتوفير بيئةوأدوات مناسبةلذلك، خصوصاأن المساحةالتي سيتحركفيها الرئيسواضحة ومحدودة،وهنا يكمنذكاء الاختيار.النسور بقي لسنوات يجلستحت القبةيلقي بكل تصريحاته الناريةمن خارجالسلطة التنفيذية،اليوم كل ما قالهوعبر عنه على المحك،فهل ينجح؟jumana.ghunaimat@alghad.jo