حكومة اعادة تصويب المسارات

اهم مهمات الحكومة الجديدة ان تعمل بايقاع هادئ على اعادة تصويب المسارات، وتبريد الجبهة الداخلية، واستعادة الوئام الوطني الى الساحة المحلية، وان تسعى لتكريس مبدأ الشراكة الوطنية، وتشرع بحوار مباشر مع كافة افرقاء العمل الوطني، وبخاصة الاخوان المسلمون الذين يمثلون صلب المعارضة في هذه المرحلة ، ولكي تعيد الجميع الى طاولة الحوار، وان تكون الحكومة قادرة على التجميع، ونبذ الفرقة والاختلاف، والتشاؤم ، وازالة رواسب الاحتقان، واخلاء سبيل المعتقلين السياسيين، وان تتجنب استفزاز الناس، والتسويف ازاء مشاعرهم الوطنية.

حكومة اكثر قدرة على تفهم وضع الشارع، وتلمس الهموم العامة، وان تبادر الى رص الصفوف في اطار تمتين الجبهة الداخلية، وتفكيك الازمات، وازالة العوائق في وجه التوافق الوطني. وهي حكومة ربما تكون قادرة على ازالة الاحتقان، والتوتر الذي ساد الشارع اذا اقنعت الناس بحرصها على ايجاد المخرج الحقيقي لازمة الاصلاحات السياسية التي نعاني منها، وقد تحولت الى مشكلة بعد ان كانت الحل. وذلك بسبب التعنت، ونبذ المصلحة الوطنية، وعدم القدرة على التواصل الايجابي مع اطراف المعادلة السياسية المتوزعة داخل المؤسسات وخارجها اليوم، وقد استقر اثرها الاكبر في الشارع.

يحتاج الاردن لحكومة ذات قدرة هائلة على الاستماع، والحوار، والتواصل مع الجميع، وتملك من مؤهلات النزاهة الكثير كي تعيد الثقة بالمؤسسات التي ستجري من خلالها الانتخابات النيابية المعول عليها وضع حد لحالة التنافر السياسي التي تشهدها المملكة منذ سنوات، واثرت في مجمل العمل العام، وضربت في العصب الحساس للدولة، وفي المشاعر الشعبية العميقة التي اعتراها اليأس، والاحباط، وعدم الثقة بالمستقبل.

ليس مطلوبا من الحكومة الجديدة سوى اشعار الاخرين بأنهم شركاء في الوطن، وليسوا ملحقين على هامشه، وان لهم حقوقا متساوية تمكنهم من المشاركة السياسية، واجتراح الحلول للقضايا العامة، وهي اذا ارادت فتستطيع ان تبث الامل، وتبني الثقة لدى المواطن العادي الذي اخذت تجتاحه مشاعر متضاربة من خوفه على استقرار بلاده، وعدم قدرته على التحمل، وصار واجبا اشعاره بالطمأنينه بقدرة المؤسسة الرسمية على تصويب المسارات، وخرط اطراف المعادلة الداخلية في معركة البناء، وتجنب حالة الهدم المتبادل، ووضع البلد في مهب الريح.

وعلى الحكومة الجديدة ان لا تنتظر طويلا في ايجاد صيغة للتوافق الوطني حول الانتخابات القادمة ثم الشروع بالتهيئة لها وفق اعلى مواصفات النزاهة والحيادية، وتجنب ان تمسها شوائب شراء الاصوات، والتزوير، وتقديم خدمات باسم الدولة لبعض المرشحين لزيادة مؤييديهم؛ ما ينعكس سلبا على نوعية الفرز النيابي الذي سيكون قادرا في حال عبر عن ضمير الشارع وخياراته الحقيقية في ان يضع حدا للخطر القادم من الشارع مع كل جولة من جولات المعارضة.

فرصة ان تهدأ البلد، وان تلتقط انفاسها باجراء حوار وطني يفضي الى انتخابات نزيهة تعمل على اعادة تجديد دورة الحياة العامة، وفرز ممثلي الشعب الحقيقيين الى المؤسسات، وهو ما سيضع حدا لانفلات وتفاقم الحالة الشعبية.

التاريخ : 11-10-2012