الخطر الذي يتهدد الانتخابات النيابية القادمة


 


الخطر الأكبر الذي يتهدد نزاهة العملية الانتخابية المزمع اجراؤها في نهاية هذا العام او بداية العام المقبل على الارجح، والتي تعلق عليها الامال الكبار في تجاوز الاردن محنته السياسية الراهنة يتمثل بجريمة شراء الاصوات حيث شرع البعض الفاسد انتخابيا بتحويل الدوائر الانتخابية الى ما يشبه سوقا تباع فيه ذمم الناس، يديره سماسرة الاصوات، وهذا ما دمر سمعة العملية الانتخابية في السابق، والغى دورها كضامنة لتجديد العقد الاجتماعي مع المجتمع من خلال ممثليه الحقيقيين، وهذه الحال ان تكررت هذه المرة ايضا ، وتم السكوت عنها فستفوت على الاردن فرصة ربما هي الاخيرة في استعادة الوئام الوطني، واسترجاع هيبة وسمعة المؤسسات العامة، وعلى رأسها المؤسسة التشريعية التي انحدر بها نواب شراء الاصوات الى الدرك الاسفل، وكاد الوطن يدفع استقراره وامنه ثمنا لذلك كما هو ظاهر للعيان.

فهل تعبر الناس عادة عن احلامها ، وطموحاتها السياسية الا من خلال مؤسسة البرلمان، وما مغزى الانتخابات النيابية ان لم تكن لاتاحة المجال للناخبين مجددا لارسال ممثليهم الى الجهة الدستورية التي تراقب وتحاسب مؤسسة الحكم كي تراعي في اتخاذ القرارات مصالحهم، وتحافظ على الحقوق والحريات العامة .

والشعب يشارك في القرار الوطني من خلال ممثليه، ولا يشعر بالاغتراب على ترابه الوطني، ويتحول الى فاقد لانتمائه، وتترسخ فيه مشاعر الاحباط والتذمر الا اذا كان النواب لا يشكلون جسرا بينه وبين المؤسسات الدستورية، وانما يعملون على هدم جسور الثقة من خلال متابعة مصالحهم الخاصة فقط.

ونائب شراء الاصوات هو اسوء وصفة لتقويض العلاقة بين الدولة ومواطنيها اذ عادة ما ينتحل صفة التمثيل من خلال وسيلة شراء الصوت الانتخابي، وبعد ذلك يفشل في التمثيل ونقل الهموم العامة الى دائرة صنع القرار، واجتراح الحلول القادرة على حفظ مصالح وتطلعات قاعدته الانتخابية.

وصمت الاعلام الرسمي، والمنابر، وعدم تصدي الهيئة المستقلة للانتخبات بجدية لهذه الظاهرة التي تخرق القانون، وتقوم عليها جهات قد تتحول مستقبلا الى مشرعة للقانون ومراقبة لتنفيذه هو مؤشر سلبي مبكر على نتائج الانتخابات القادمة حيث وصل الفساد الانتخابي في الدورات السابقة الى المفاصل الرئيسة في المجتمع، وتمكن من تدمير سمعة العملية الانتخابية، واثر سلبا في الذوق الانتخابي العام، وافرز سلوكا انتهازيا لدى العشرات الذين يتكاثرون في هذه المرحلة لتبدأ حملاتهم الانتخابية من خلال وسيلة شراء الاصوات، والتي تترسخ رويدا رويدا كعادة غير مذمومة، وربما مقبولة في العرف الاجتماعي كونها لا تجابه بعقوبات رادعة، وانما يوفر لها الصمت الحكومي الحاضنة لتوسعها، وتحولها ربما الى الوسيلة الاسهل في التحول الى عضو مجلس نواب.

وهذا هو الخطر الصامت الذي يؤثرعلى اساسات الدولة ، واكاد اجزم انه هو الذي تسبب بتغير المشاعر الوطنية، وانكفائها ، وحول الغضب والاحتقان الشعبي الى الشارع مباشرة، وادى بالناس الى البحث عن وسائل ممكنة في التعبير عن مطالبها لانعدام الثقة بالممثلين الذين تم ارسالهم لمؤسسة الرقابة والتشريع العاملة باسم الشعب، والتي تدعى البرلمان.

ولا اكاد اصدق ان قصص الفساد الانتخابي التي باتت تزكم الانوف في بعض الدوائر، وذلك قبل تحديد موعد الانتخابات القادمة في حين ان الدولة في غفلة من امرها، وكأن الامر لا يعنيها.

ولعمري فإن ثمنا باهظا سيترتب على غض الطرف عن مثل هذه الممارسات التي بحت اصواتنا ونحن نحذر منه
ا