" الجبهة الوطنية " في جيب بني ارشيد

صرّح القيادي الإخواني، زكي بني ارشيد، أن " الجبهة الوطنية للإصلاح" برئاسة أحمد عبيدات، تعد لمسيرة أكبر من مسيرة الإخوان المسلمين (في 5 تشرين الأول الحالي).
تتكون "الجبهة" من شخصيات سياسية معدودة بين الكبار، ومن أحزاب المعارضة التقليدية الكبيرة، القومية واليسارية، ولكن بني ارشيد هو الذي يقرر عنها وينطق باسمها، على رغم أنه ـ شخصيا ـ ليس عضوا فيها، ورغم أنه لم يصدر عنها تصريح يشير إلى قرارها بالإعداد لمسيرة أكبر أو أصغر من المسيرة الإخوانية!
على كل حال، بني ارشيد ليس مخطئا، فـ"الجبهة" تسير، بالفعل، في النهج السياسي الإخواني، وتعتمد على " الإخوان" بالتحشيد، ولا تتمتع بالحد الأدنى من الثقة بالنفس للاستقلال عن إرادة "المراقب العام"، فلماذا يتقيّد الرجل، إذاً، بالبروتوكول والشكليات؟ بل إنني ألاحظ أنه تساهل مع " الجبهة"، ولم يقل قررتُ أن يترأس عبيدات "مسيرتنا" المقبلة، واكتفى بالتصريح نيابةَ عنها فقط لا غير!
شيء واحد لم يقله بني ارشيد، هل سيقوم "الإخوان" أم " الجبهة" بعقد صفقة " المسيرة" مع الجهات الأمنية، كما جرى في جمعة " إنقاذ الوطن"؟
من الناحية السياسية، لا يهمني " الإخوان" أنفسهم؛ ذلك أن البنية الوطنية الأردنية لا تسمح لهم بتحقيق أي إنجاز جدي إلا في سياق منحة سياسية مهداة من قبل النظام، وليس ضده أو على رغمه. وهي حقيقة لا ينفع معها ضرب عدد المشاركين في أضخم فعالية إخوانية في 6 ( 12000×6 = 72000) ولا ينفع معها التهويل ولا الفضائيات والمواقع الصديقة. فللإخوان، اليوم، مطلبان استراتيجيان: التوطين السياسي ( عبر قانون انتخابات يؤمّن المحاصصة) والعدوان على سورية. ويقع هذان المطلبان في باب الأمن الوطني الأردني، ولا يملك أحد القرار بشأنهما حتى في ظل إعلان حالة الطوارئ.
طريق " الإخوان" في الأردن مغلق. ولن يفتحه أي تصعيد من أي نوع، سواء بالمسيرات أو حتى بالعنف. ذلك أن مؤدّى ذلك الطريق هو تفكيك الدولة الأردنية، ولن يسمح أهل الدولة، شعب ومؤسسات وجيش، بهذا المآل.
ما يهمني هو حالة فقدان الاتجاه لدى فئات سياسية وشخصيات ونشطاء، يظنون أنهم قادرون على الاستقواء بـ"الإخوان" من دون أن يلتحقوا بهم سياسيا في معركة ليست خاسرة فقط، وإنما هي معركة ضد الذات أيضا.
الحركة الوطنية الشعبية في بلدنا لها مطالب ليست مشروعة فحسب، بل إن تنفيذها ضرورة لتجديد الدولة الأردنية، وعلى رأسها استئصال الفساد ومراجعة الخصخصة واسترداد أموال الخزينة وتنمية المحافظات وقوننة المواطنة وسيادة الدستور والقانون.. الخ. وليس هناك وصفة لضياع هذه المطالب مثل اللجوء إلى مظلة "الإخوان" والغرق في الثنائية القاتلة. حتى قضية لا يمكن السماح بتأجيل حلها مثل اطلاق سراح معتقلي الحراك، تضيع في تلك الثنائية.
أختم بسؤال يحيّرني، وجاء الوقت لطرحه: ألا يدرك أحمد باشا عبيدات أنه، في السياسة الأردنية، أوزن وأكثر تأثيرا من الإخوان المسلمين مضروبين في 6؟ ألم يخطر في باله أنه، عندما يكون وحده، يمكنه أن يغدو زعيم الحركة الوطنية، وأنه، مع الإخوان، يتحوّل إلى مجرد حليف لبني ارشيد ؟
ynoon1@yahoo.com