السفير ... الحكم للعشيرة ام للدولة

لا شكّ انها الظاهرة الاولى التي تتواجه فيها العشيرة الاردنية مع الحكومة الاردنية في إحدى مهام وإجراءات الحكومة المباشرة بل ان التعيين للكوادر الحكوميّة هي احدى مهام وواجبات الحكومة حسب إجراءات المؤسسات التابعة لها وحسب الاحكام المبينة في الدستور الاردني والانظمة والتعليمات الصادرة بموجبه . 

والذي خلق المشكلة ليس العشيرة او الحكومة وانما هي الدولة التي كانت معادية رسميا للاردن قبل توقيع معاهدة وادي عربة (عام 1994 ) واصبحت معادية في الخفاء بعد تلك المعاهدة حيث ما زالت تحيك للاردن الدسائس وما زال مسؤولوها يتغنّون بين الفينة والاخرى بالاسطوانة المشروخة بالنسبة للاردنيين والفلسطينيين على حدّ سواء ذلك هو الوطن البديل المسخ في احلامهم والذي لن يرى النور في يوم من الايام ان شاء الله . 

فالعشيرة كباقي معظم الاردنيين لا يودّون اي علاقة مع الاسرائيليين ليس عداوة لدين او معتقد وانما شعورا بالغيض لما يفعله الاسرائيليون بالفلسطينيون والعرب على الدوام من قتل وتدمير وتشريد بحيث انهم اصبحوا غير قابلين للود او المحبّة خاصّة انهم كثيرا ما تغنّوا بمحارق محرقة هتلر وساندتهم شعوب الارض بشعور الحزن ولكن إسرائيل تُعيد انتاج تلك المحارق في الشعب الفلسطيني باساليب مختلفة وعلى فترات زمنيّة طويلة .
وبالتالي فإن المواجهة بين العشيرة والحكومة الاردنيّة بسبب دولة اسرائيل لأن السفير معيّن فيها واصرّت العشيرة على ابنها ووالده ان لا يقبل ذلك التعيين لأنّه لا يُشرّف العائلة ولا يُرضي الله في علاه وانما يجلب العار للعشيرة ويُغضب الباري .
وكما تردّد في بعض المواقع من انّه تم تقديم اغراءات لسعادة السفير من باب التعويض عن خسارته لوظيفته في حال تمنّعه عن الالتحاق بموقع عمله ولكن السفير يقول بان تمنعه يعني إنهاء لتاريخه الوظيفي ولكل اجتهاده .....
إنّ اهميّة هذا الموضوع في امور ثلاث اهمها هيبة الدولة تتعرّض لاول مرّة في التاريخ السياسي الاردني لرفض موظّف ليس رئيس حكومة او وزير لرفض الطاعة لأمر الحكومة وثانيها انها اسبقيّة في تكتّل العشيرة لموظّف حكومي من احد ابناء العشائر الاردنيّة وقد يُعزّز ذلك من مواقف بعض الزعماء المحسوبين على المعارضة وثالثها انّ نجاح العشيرة في ثني احد ابنائها الاستجابة لامر حكومي قد يُقوّي شوكة العشائر وشيوخها على الحكومة ويحفّزهم على تحقيق المكاسب الوظيفية والماديّة لابنائها على حساب الحكومة الفقيرة ماديّا وغير المحبوبة جماهيريا بل الساقطة شعبيا على ما سبّبته للمواطنين من بؤس وفقر وشقاء .
ويمكن ان تُحل المشكلة بأن تقوم اسرائيل وهذا غير متوقّع برفض ترشيح السفير وبالتالي قد ترحل المشكلة اذا تم ترشيح سفير اخر من عشيرة اخرى او تنتهي المشكلة بترشيح سفير لا يتبع لاي عشيرة كما انه قد تنتهي القصّة بتعيين نفس السفير بمنصب وزير وتكون الحكومة اصابت نقطة قد تتقرّب بها من الشارع ومن العشائر وتكون الحكومة والعشيرة خرجتا بحفظ ماء الوجه .
إنّ الظروف التي يمرّ بها الاردن الغالي العزيز يستحقّ ان يقف عقلائه وحكمائه وعلمائه وشيوخه ورهبانه صفّا متراصّا واحدا خلف قيادته باذلين النصح والارشاد لاصحاب القرار بان تكون قراراتهم لصالح الشعب الاردني وتنال رضى الله وان يُسارعوا الى توعية شرائح المجتمع الاردني لتوحيد طلباته في عمليّة الاصلاح وليكونوا طرفا في تحقيقها ومستقبلا شريكا في صنع القرار لمصلحة الوطن وازدهاره وليكونوا عشيرة واحدة تعين الحكومة المنتخبة والتي تمثل كافّة شرائح وطوائف ومنابت الشعب الاردني ويكون لهم موقف واحد تجاه اسرائيل وجميع الاطراف التي تحيك الفتن والمؤامرات للشعب الاردني حيث تكون قد قطعت دابر الفاسدين من المجتمع وبات الوطن الاعز يضم الشعب الانظف بين جنبات حدوده وعلى ثراه المُبارك .
ودولة اسرائيل ليست بحاجة لسفير وإنما بحاجة لفدائي يضع روحه في كفّه وينسف المتطرّفين والمتصهينين والعطاشى للدم الفلسطيني والعربي ليريح العالم منهم ومن مجازرهم ومؤامراتهم .
احمد محمود سعيد
8/10/2012