وثائق قناة «العربية» الهزلية

تعودنا من قناة «العربية» تقديم خدماتها للسياسة الأميركية بمال عربي تدفعه مملكة آل سعود من أجل إبعاد شبح الثورة والتغيير عن مضاربهم وإبقاء المنطقة العربية تحت السيطرة الأميركية.
كما تعودنا منها ومن مثيلاتها (العربيات اسماً) تقديم وجبات طازجة من الأخبار والصور الكاذبة والمفبركة ليس عن مجريات الحدث السوري فقط، بل كذلك عن أحداث جرت وتجري في دول عربية عدة ما استدعى إغلاق محطاتها بشكل مؤقت في بعض هذه الدول.
تناولنا في أكثر من مقال سابق نماذج من تلك الفبركات وأوضحنا الهدف الكامن في خلفية التضليل الإعلامي المقرون بتحريض رخيص وغرائزي وكيف تمر هذه السلوكيات من دون مراجعة أو محاسبة من أحد، ووجدنا أن الأمر يعود للأوامر المحددة التي يصدرها ممولو القناة المرتبطون بحكام السعودية وأقرانهم في قطر وغيرها من دول النفط والقواعد الأميركية.
إن الهجوم اللا أخلاقي الذي تشنه هذه القنوات على سورية العربية يشير بوضوح إلى حجم المأزق الذي وجد هؤلاء أنفسهم فيه بعد أن مر الوقت الافتراضي لسقوط سورية ونظامها ولم تنشب الحرب الأهلية التي عمل لها هؤلاء منذ اندلاع الأحداث، كما أن الشعب السوري حرص في أحلك الأوقات على التمسك بوحدة بلده ووحدته الوطنية رغم كل وسائل التشويش والإثارة واللغة الطائفية التي استخدمتها تلك القنوات.
اليوم تعرض قناة «العربية» وثائق تتعلق بعنوانين أحدهما خارجي ويتعلق بتركيا ومحاولات استدراجها للحرب مع سورية أو أقله زيادة التدخل في أزمتها بما في ذلك العدوان على جزء من الأرض السورية بالإضافة لما تقوم به أصلاً من إنشاء معسكرات تدريب للإرهابيين والمجموعات السلفية المتطرفة من جنسيات مختلفة فوق أراضيها ومن ثم إرسالهم للداخل السوري لقتال الجيش السوري والعبث بأمن الدولة السورية والعمل على تقويض وحدتها الجغرافية. والعنوان الثاني داخلي ويرتبط بمعلومات مخابراتية تزعم القناة أنها حصلت عليها من عملاء لها كانوا يشتغلون في بعض دوائر الأمن السورية وتدعي القناة من خلال ما تعرضه من صور لبعض الأوراق التافهة أن القيادة السورية هي من يقف وراء التفجيرات الدموية الخطيرة التي وقعت في دمشق وخاصة تفجيري حي القزاز الذي أودى أحدهما بعشرات القتلى ومئات الجرحى وأحدث دماراً هائلاً في منطقة التفجير المجاورة لمساكن الحي وعلى الطريق العام في المتحلق الجنوبي الموصل لطريق المطار.
ليست المرة الأولى التي تعرض «العربية» ما تزعم أنه وثائق، بل يمكن القول إن قيام القناة وشهرتها بني على تلك الوثائق الشهيرة التي حصلت عليها من المخابرات الأميركية حول العراق ونظام حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين وجرائمه التي بذل القائمون على القناة مالاً وجهداً وعمالة للأميركان من أجل تكبيرها وإظهار عدالة الغزو الأميركي أو السطو المسلح للعراق على حد تعبير السيد فاروق الشرع نائب الرئيس السوري في مجلس الأمن الدولي.
في تلك الوثائق ظل للحقيقة ارتكز على وقائع حية تم تصويرها واحتفظ مرتكبوها أو الذين حضروها بأفلامها من أجل تقديمها لأسيادهم في البيت الأبيض وهؤلاء بدورهم أعطوا عملاءهم قسماً منها لخدمة أهداف غربية تحديداً وأميركية على الخصوص.
اليوم تعرض «العربية» أوراقاً ومعطيات مضحكة وتدعو للسخرية من أجل إثبات أن سورية وما سمته القيادة المشتركة قد أسقطت الطائرة التركية فوق المياه الإقليمية بشكل متعمد والأنكى أنها تلفق تهمة مختلقة من جملة هنا وملاحظة هناك تقول إن السلطات الرسمية في سورية أسرت الطيارين التركيين وقامت بقتلهما وإلقائهما في مكان سقوط الطائرة في البحر وإن هذه الجريمة جرت بأوامر وموافقة مباشرة من القيادة المشتركة «السورية- الإيرانية- الروسية».. هكذا.
وهنا لابد من كلمة تجاه ما تقوم به قناة منفلتة وعميلة كـ«العربية» لا تتقي الله في أشقائها السوريين الذين تزعم أنها تدافع عنهم وعن حقهم في الحرية والحياة وتقوم بالتحريض على بلدهم سورية لتوريطها في قتال مع جارتها تركيا لن تكون عاقبته سوى مزيد من الضحايا والدمار.
إن ما قدمته «العربية» لا يرقى إلى وثائق من الدرجة العاشرة مما تقدمه قنوات مبتدئة، ويمثل ما تعرضه القناة بالخصوص استخفافاً بعقول المشاهدين واستصغاراً لشأنهم وذكائهم. ولو كان هناك بعض الحقيقة أو حتى مؤشرات على صدق ما ادعته العربية لقامت الدنيا في تركيا ولم تقعد، وكلنا رأينا ردة الفعل الشعبية التركية وكيف أنها في أغلبها ضد التدخل التركي في الشؤون السورية والأزمة الحالية، وواضح أن ما عرضته العربية استهدف تغيير هذه النسبة لمصلحة أردوغان وحزبه «الإخونجي».
أما حول التفجيرات الدموية القاتلة ومسؤولية النظام في سورية عنها ورغم أننا فندنا سابقاً سفسطات وتفاهات كهذه تبني الحقائق على خلفية المواقف والتوجهات وليس كما تقع إلا أننا نعود هنا لنقول ببساطة إن ما عرضته القناة العميلة على شاشتها بالخصوص يدل على إفلاس تام لهذه القناة وحماقة كبرى ذلك أن الأوراق المعروضة يمكن الحصول على أمثالها بكثرة في سورية، بل إن أي مراجع لدائرة أمنية أو فرع أمني يمكن أن يصنع من تبليغ المراجعة خاصته الوثيقة التي يريدها، وأن الوسائل العلمية وفرت كل ما يحتاجه المرء في هذا المجال.
إن القضية هنا لا تتعلق بوثائق أو حقائق فهذه غيبتها قنوات الفتنة منذ زمن بعيد، بل بحالة يأس يعيشها ممولوها الذين يتكسبون من زرع الموت والدمار في سورية وغيرها من دول المقاومة التي تحتضن ما بقي من الكرامة العربية... بئس ما يقولون وما ينشرون.