لا تضعوا رؤوسكم في الرمال
واضح أن مطبخ القرار ماضٍ نحو إجراء الانتخابات دون اعتبار لما يجري في الشارع، وقد جاء قرار الملك من خلال حل البرلمان ليؤكد ذلك.
طبعاً هذا القرار المستعجل الذي سبق تظاهرة «جمعة إنقاذ الوطن»، لم يكن إلا هروبا من ضغط اللحظة وحصارها، وتأكيد عناد لم يعد مفهوما ولا مبررا.
في اليوم التالي للقرار، خرجت مظاهرة إصلاحية غير مسبوقة في عددها وفي حجم التضييق عليها لتؤكد أن الشارع ما زال حيويا، ورافضا الاستفراد الرسمي بإجراءات الإصلاح.
الحكومة والمخابرات تعلمان حقيقة حجم الذين خرجوا في التظاهرة بعد التضييق، وتعلمان كم كان سيكون حجمها لو لم يكن هناك تخويف وتزييف ومنع للباصات.
إذن لا داعي للكذب ووضع الرؤوس في الرمال، ولا بد من الاعتراف بأن الحوار الحقيقي والجاد هو الحل، وأن التراجع هنا فضيلة، والعقلانية باتت مطلباً وطنياً مستعجلاً.
استمرار واقع ازدواجية إجراء الانتخابات مع استمرار فعاليات الشارع لم يعد ممكنا، فلا بد من طريق ثالث نذهب نحوه جميعا، ويحقق لنا خاتمة صحيحة.
أيضاً نحن هنا لا ندعو إلى استظهار قيم الرضوخ على أي طرف، بل هناك حلول وسط قد يرضى بها الجميع، لكن المهم أن نبحث عنها، ولا سيما من قبل مطبخ القرار المسؤول الأول والأخير عن مأزقنا.
الإصلاح اليوم اتجاه تاريخي تصنعه جدلية حتمية، لذلك يجب التأكد أن الأحابيل والخطابات التي تتبناها المرجعيات لن تحل المشكلة.
دعونا نتوجه نحو عناوين جديدة، بشرط أن يحمل كل طرف منا اعتدالا ومرونة تخفف من الفرية السياسية، وتسهم في الوصول إلى توافق على كل الملفات دون شك وتردد وريبة.
الجموع الغفيرة التي ازدحمت بها شوارع وسط البلد، ستتضاعف أعدادها مع كل تردد في الإصلاح، واستمرار في أخطاء الإدارة، وهو محتمل بشكل مؤكد.
لذلك لا بد من حل، المراوحة ليست حلا، واستمرار الأزمة -أيضا- ليست حلا، أما توسيع أفق الصراع الزمني فهو خطير؛ لأنه مرتبط بتبدلات مزاج محلية وإقليمية لا ندري أين ستتجه.
الظرف اليوم بعد قرار حل البرلمان وبعد مظاهرة (510) الحاشدة، خلق لنا حالة من التحدي يستحيل معها وضع الرأس في الرمل، أو جعله محلقاً لا يرى أحداً.