غداً .. المعارضة تقدم عرضها السياسي


لم تحظ العروض السياسية التي قدمتها الدولة باعجاب الاخوان المسلمين وحلفائهم في الحراكات الشعبية، لا تسأل - بالطبع - عن الاسباب فهي معروفة ومفهومة، لكن جاء الآن الدور على هؤلاء لتقديم عروضهم السياسية، ومن حقنا ان نحكم عليها.

غدا، سيتابع الملايين، ربما، آخر هذه العروض، وستكون الجماعة – باعتبارها الجهة المنظمة للمسيرة "الكبرى” امام امتحان صعب، لا من حيث عدد المشاركين، او الشعارات المرفوعة فقط، وإنما بمجمل "الاداء العام” الذي ستقدمه، وقدرتها على ضبط ايقاع "الشارع” وايصال رسالتها الى المسؤولين والى المجتمع ايضا.

لا ادري لِمَ يراودني ما يشبه "اليقين” بان المسيرة غدا لن تختلف عن سابقاتها التي تابعناها على مدى عامين، وبان الاخوان حشدوا كل طاقاتهم لتقديم نموذج "للمعارضة” السلمية الهادئة، وبأنه -بالتالي- لن يحدث اي شيء مما سمعناه من تخويفات ومبالغات، ما لم تكن ثمة نية مبيتة او نوايا غير سليمة، مجهولة المصدر، فاننا سنكون امام محاولة "للتذكير” فقط بان "موج” الاصلاح لم يهدأ وبان الاخوان الذين تم استثناؤهم لهم وزن في الشارع وهي رسالة اعتقد ان الجميع يعرفها، وان كان بعض النخب يتجاهلها او لا يريد ان يصدقها.

وراء هذا "التخمين” اسباب عديدة، منها ان الاخوان لا يريدون ان يقطعوا "الشعرة” بينهم وبين الدولة، صحيح انهم شعروا بان جدرانا كثيرة قد هدمت، لكنهم حريصون على بناء جسر –ولو مؤقتا- بينهم وبين النظام السياسي، ومنها ان الجماعة التي غالبا ما انتقدت اداء الحكومات لا يمكن ان تكرر اخطاءهم، وتضع نفسها في دائرة الانتقاد من المجتمع، ومنها ان استعداد الاخوان لتحقيق اهدافهم يحتاج منهم الى تقديم "نموذج” يقنع الناس ويطمئنه، ولو افترضنا انهم سيدفعون نحو اي شكل من اشكال الصدام والعنف فسيكونون اول الخاسرين وبالتالي فهم احرص من غيرهم على تقدير "مصلحتهم” ولن يتورطوا في "افتعال” اخطاء تسحب من رصيدهم في الشارع.

الحذر، بالطبع مطلوب، لكن خطر "المسيرة” لا يكمن في نجاحها او فشلها يوم غد الجمعة، وانما فيما تؤسس له من نتائج، او ان شئت الدقة الاهمية ليست مرتبطة بما ينتظره الناس غدا وانما بما سيحدث بعد غد، واعتقد ان بوسع المسؤولين في بلدنا ان ينتبهوا الى الاستحقاقات التي يفرضها هذا الحدث سواء نجح او فشل والى ما يجب ان تفعله الدولة للخروج من حالة الاستقطاب والدخول في "ربيع اردني” يستريح فيه مجتمعنا من حالة "الترقب” والقلق ويتجاوز دائرة الحيرة التي وضعه فيها بعض "الهواة” او "الحواة” وكأن قدر هذا البلد ان يظل واقفا على قدم واحدة.