لا خوف من "الإخوان"

بغض النظر عن اتفاقنا مع الإخوان أو اختلافنا معهم في تقدير المواقف وحجم المطالب وتوقيتها ولغة الخطاب، فإن مما لا شك فيه أن الإخوان حركة وطنية لا تحتاج مني على الأقل شهادة في وطنيتها وحبها لبلدها ولبلاد العرب والمسلمين أجمعين ، وأن الإخوان لا يمكن أن يشعلوا الحريق في الأردن خاصة، لأن الأردن بلدهم وعاشوا استقلاله ويعرفون محدودية قدراته .
يدرك الإخوان أن نظام الحكم في الأردن مختلف عن غيره حيث لم يدنس يده في دم الإخوان كما فعل عبد الناصر وصدام والأسد والقذافي وزين العابدين ، ويعترف الإخوان أن النظام الأردني قد أحسن إليهم وحماهم يوم كانت الأقطار الثورية تطاردهم كما روى لي المرحوم كامل الشريف والمرحوم عدنان سعد الدين وعبد العزيزعلي أطال الله في عمره .
ولن ينسى الإخوان إيواء الأردن لإخوان سورية والعراق لما لحقهم الظلم من الأنظمة التي كانت تحكم بلادهم . ولا ينسى النظام أن الإخوان كانوا مع الوطن في كل منعطف مرت به البلاد كمنعطف الخمسينيات والسبعينيات والثمانينيات .
اليوم ومع منعطف الربيع العربي لن يقف الإخوان إلا مع بلدهم وأمنه واستقراره. فتغيير الجلد هو فعل الأفاعي وما قام الإخوان إلا لمطاردة الأفاعي . من حق الإخوان أن يقولوا كلمتهم ويضمن لهم القانون الأردني ذلك ولا يطالبهم أحد أن يكمموا أفواههم ، لكن الخبرة التي يتمتع بها الإخوان هي المعول عليها بحيث يدركوا أن المندسين والراغبين بإشعال البلد كثيرون سواء أصحاب الأجندات الطائفية التي باركت ذبح الإخوان عام 1980 في سورية وكما تباركه اليوم في بغداد ، وكذلك يدرك الإخوان أن عدوهم اللدود نظام الأسد يبحث له عن مخرج وقد يجد فرصته في المسيرات الإخوانية ليصدّر أزمته الطاحنة للشعب السوري البطل ، والإخوان هم أكثر الناس حديثاً عن النوايا الصهيونية الطامعة بالأردن .
من هنا ومن خلال معرفتي بالثقافة الإخوانية فإنني أؤكد أن الإخوان لن يكون منهم إلا الخير للأردن حتى لو صدر صوت نشاز هنا أو هناك، فهذا الصوت لا يلغي تاريخاً يزيد على ستين سنة .
لو كنت مسؤولاً في الإخوان لعقدت مؤتمراً صحفياً وأعلنت فيه عن تأجيل مسيرة الجمعة تفويتاً على المندسين وعلى أهل الفتنة ولتقديم الطمأنينة للشعب الأردني بمختلف أصوله ومنابته بأن الأردن بخير وسيبقى بخير . ولو كنت مسؤولاً لما سمحت لمسيرتين بالظهور في المكان والزمان ذاته، بل سأعطي كل راغب بالتعبير عن رأيه فرصا ديمقراطية مختلفة كي يتمكن رجال أمننا الأشاوس من تأمين المسيرات بحرفية أمنية عالية كي يبقى الأردن حصناً منيعاً لأمته وذخراً لها على مدى الأزمان.
نحن في انتظار اليومين القادمين لاكتشاف ما نظن أنه صواب سواء في الإخوان أو في الإدارة الأمنية للمسألة. مع ضرورة التنبيه إلى أن الشعب لن يسامح من يعبث بأمنه واستقراره بأي حال من الأحوال .