ناهض حتر يكتب ; ليث شبيلات .. صوت الضمير
أضمّ صوتي لصوت الصديق ليث شبيلات، وأتوجّه، معه، إلى مدير الأمن العام، حسين هزّاع المجالي، أن يبرهن، مرة أخرى، على ولائه لشرف الجندية، وولائه لوطنه ومجتمعه وذكرى والده، ويتحمّل المسؤولية الكاملة عن منع أي اعتداء، مهما كان نوعه، على مسيرة الإخوان المسلمين أو الاحتكاك بها أو الاشتباك بينها وبين مسيرة الموالاة ، ويضمن، وظيفيا وشخصيا، أن يمضي يوم غد الجمعة 5 تشرين الأول، بسلام وطمأنينة وشعور عميق لدى الجميع بأن الدولة وأجهزتها السيادية ليست طرفا وإنما حصنا للجميع.
مهما كانت سخونة الهتافات، ومهما كانت الاستفزازات ـ من الطرفين ـ ينبغي أن تكون الممارسة الأمنية حيادية ونزيهة ، وفي الوقت نفسه، مقتدرة وصارمة، في إطار القانون.
حقا إنها مهمة صعبة، والمسيرة الإخوانية غدا هي، من الناحية السياسية، مختلفة نوعيا عن آلاف المسيرات والاعتصامات التي شهدتها البلاد منذ العام 2010، من حيث هي مسيرة مغالبة لا مسيرة مطالبة. ومع ذلك، فإن كل شيء يتوقف على طبيعة ومستوى الأداء الأمني. غدا بالتحديد، ينبغي أن يشعر الجميع بأن الممارسة الأمنية غير مسيّسة وواسعة الصدر، ولكنها متشددة وحازمة ضد أي مبادرة عنفية مهما صغرت. فالعنف يولّد الفوضى، والفوضى تولّد الدمار. وهو مسار مرفوض جملة وتفصيلا.
شعبنا استيقظ، وسينال حقوقه ـ بالنضال الديموقراطي السلمي ـ عاجلا أم آجلا. هذا هو طريقنا لتغيير الواقع وتجديد الدولة. وكل مَن يخالف هذا الطريق وينهج للعنف، من المعارضة والموالاة، يقع في الخندق المعادي للوطن.
أعود إلى الصديق شبيلات، شيخ المعارضة الأردنية والصوت الصارخ في زمن الصمت، وأتوقف عند إعلانه الجريء عن رفضه المشاركة في مسيرة غد الجمعة، بسبب "عدم ثقتي ببرامج السادة الإخوان المسلمين حيث يحشدون لجنازة حامية والميت فيها (...)" ولعل هذا الوصف هو الأكثر بلاغة ودقة للنشاطات الإخوانية التصعيدية المزمعة؛ فهي لا تتعلّق بهبة ضد مؤسسة الفساد، ولا تعنى بتحشيد الجماهير لاسترداد أموال الدولة وأراضيها وقطاعها العام، ولا تنطلق من شرعية الدفاع عن لقمة الخبز، ولا تهتم بإسقاط معاهدة وادي عربة ومؤامرة الوطن البديل... كلا ، فإن جلّ ما يريده الإخوان هو الشراكة في الحكم وفق المنظومة الاقتصادية الاجتماعية السياسية نفسها. وما نراه في تونس ومصر هو دليل مجسد للمآل الممكن في الأردن أيضا.
الجنازة حامية حقا .. وقد تنزلق ببلدنا ومجتمعنا إلى الفوضى، بينما الهدف الوحيد لها هو فرض قانون انتخابات يتيح للإخوان الحصول على الأكثرية، وتعديلات دستورية تسمح لهم بالمشاركة في مطبخ القرار.
ليكن .. سيكون هذا الهدف موضع ترحيبنا فقط إذا أعلمنا "الإخوان" في وثيقة سياسية موحدة وصريحة، شيئا عن سياساتهم عندما يتولون الحكم ؛ ما هو موقفهم العياني من ملفات الفساد وكيف سيعالجون هذا الملف؟ وما هو موقفهم من الخصخصة والقطاع العام؟ ومن معاهدة وادي عربة ؟ ومن المشاريع الأميركية في المنطقة؟
في مصر، حاز " الإخوان"، السلطات كلها؛ فماذا حصل؟ تجدد العقد السياسي المباركي مع رجال الأعمال والليبراليين الجدد، وأصبح الاقتراض من صندوق النقد الدولي، "شرعيا"، والخضوع لشروطه في إفقار الكادحين ودعم الرأسماليين،" وطنية"، وتحولت معاهدة "كامب ديفيد" إلى مجرد معاهدة دولية لا يمكن المساس بها، وأصبح التنسيق الأمني مع إسرائيل واجبا أمنيا اعتياديا، وتهديم أنفاق غزة "بطولة"، بينما فتح المعابر شأن يخضع للمفاوضات لا للوطنيات!
القضايا الكبرى للشعب الأردني، فقط هي التي تستحق النضال الحار والتحشيد لحلها، أما تحسين شروط حزب سياسي ما للحصول على حصته من السلطة، فشأن لا يستحق الخروج من المنزل.