هل يتوقف تصدير الزيتون إلى إسرائيل ؟
تتسبب عمليات تصدير مئات الأطنان من ثمار الزيتون الأردني إلى إسرائيل في اثارة المشاعر الدينية والوطنية والقومية مع كل موسم زراعي لهذه الشجرة المباركة، على اعتبار أن ذلك يمثل إضرارا بهويته الأردنية ويتناقض مع الثوابت المبدئية ولا يخدم الاقتصاد الوطني، في الوقت الذي لا تزال فيه وزارة الزراعة تعتبر ان تصدير هذا المنتج الوطني الزراعي لا يختلف عن غيره من منتجات اخرى، متجاهلة كل العوامل التي أدت إلى الاستغلال الإسرائيلي لمثل هذه الاجراءات المتساهلة خلال السنوات الماضية، ويمكن للأمر أن يتكرر على نحو أكثر سلبا إذا ما تجدد شحن كميات أخرى حاليا دون مراعاة الحفاظ على الصالح العام!
جميع الجهات المعنية بإنتاج الزيت والزيتون في الأردن ترفض من حيث المبدأ أن يتم التعامل مع هذا المنتج الوطني بلا أية تحفظات تجاه إمكانية سوء استخدامه بعد التصدير، خاصة بعد أن ثبت أن من يقومون على هذه التجارة من الإسرائيليين لا يتورعون عن تصنيع الثمار الأردنية كمخللات وغيرها أو عصرها زيتا، ومن ثم إعادة تصديرها مرة اخرى إلى مختلف أسواق العالم على انها منتج إسرائيلي بحت، لتنافس الإنتاج الوطني الذي هو في الأصل من اشجار المزارعين الأردنيين!
قضية اخرى تعرض نفسها خلال الموسم الحالي للزيت والزيتون ولا بد وان تكون لها انعكاساتها على إعادة النظر في تصدير الثمار إلى الخارج، ألا وهي ان توقعات المختصين تشير إلى ضعف الإنتاج المحلي إجمالا هذا العام قياسا على الاعوام الماضية، وقد تصل الى انخفاضه بنسبة خمسين بالمائة عن مواسم اخرى نتيجة موجات الحر التي شهدتها البلاد خلال اشهر الصيف والتي استمرت لحوالي اربعة اشهر، اي ان هنالك مصلحة وطنية في عدم تصدير الثمار إلى إسرائيل ما دام ذلك سيؤثر بالتالي على ارتفاع اسعار الزيت وزيادة معاناة المستهلكين في مادة غذائية غاية في الأهمية!
لا شك أن الزيتون الأردني هو منتج استراتيجي ذو هوية وطنية يفترض أن يتم الحفاظ على خصوصيته من جميع النواحي، بعد أن وصل عدد أشجاره إلى عشرين مليون شجرة مزروعة على مساحة تزيد على ثلاثة عشر مليون دونم ويتواجد في خدمة منتجاته حوالي ثلاثمائة معصرة حديثة، مما يتطلب ان لا يتم التهاون بأي شكل من الأشكال في عمليات التصدير بلا اية ضوابط والى اسرائيل على وجه التحديد، مع الأخذ في الاعتبار أيضا ان وزارة الزراعة هي مخولة أصلا في وقف العمليات التصديرية لأية منتجات زراعية إذا ما كانت تتعارض مع احتياجات السوق المحلية التي لا بد وان تكون لها الأولوية على غيرها ! .
طال الحديث كثيرا منذ سنوات عن ضرورة إنشاء مجلس وطني اعلى للزيتون والزيت يضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص يقوم على تطوير هذا المنتج الوطني البالغ الأهمية ويحافظ على هويته ويحميه من استغلال الجهات الإسرائيلية المتربصة له، وهو في حال قيامه سيجنب وزارة الزراعة أية مؤثرات سياسية في قراراتها نظرا لمعاهدة السلام واتفاقيات التجارة الدولية وغيرها، فاستمرار تصدير ثمار الزيتون الأردني إلى إسرائيل يمثل تحديا سنويا آن الأوان لوضع حد له بلا أية ضغوط ما عدا المصلحة الوطنية العليا، فقد ثبت تحايل الشركات الإسرائيلية على تصديره منتجا إسرائيليا من خلال الحصول على مادة خام بأسعار متدنية تقوم بعصرها وكبسها وتقديمها لدول العالم بأسعار مرتفعة مستفيدة من القيمة المضافة ! .
Hashem.khreisat@gmail.comرؤية جميع المقالات