مرسي يستعدّ لغزو سورية
أعلنت الرئاسة المصرية، فجأة، استعداد الرئيس محمد مرسي للسير في الاقتراح القَطري القاضي بغزو سورية من قبل قوات "عربية". وهو اقتراح جاء بعدما انسدّت احتمالات التدخل العسكري الدولي. فهل ستكون حملة الغزو "عربية" أم إسلامية أيضا بمشاركة الأتراك؟ في الحالتين لا بد من تفويض ـ غير ممكن ـ من مجلس الأمن الدولي. أم أن جامعة الدول العربية ستذهب إلى الحرب من دون تفويض دولي بحجج " قومية" و" إسلامية". مرسي سيبحث حملة الغزو في أنقرة. لكن من المستبعد أن توافق الحكومة التركية على غزوة خارج الشرعية الدولية، وخارج قرار من حلف شمال الأطلسي، وأقله خارج الدعم الأميركي، خصوصا وأن أغلبية الأتراك تقف في الصف المناهض للتدخل في سورية، ذلك بالإضافة إلى احتمالات اشتعال التمرد الكردي وحدوث انتفاضة مفاجئة من العرب السوريين الأسرى في الاسكندرون السليب. سورية، اليوم، قضية دولية. ومن الواضح أن ميزان القوى الجديد على الصعيد الدولي، بدأ يفرض إطارا للحل السياسي للأزمة، بل إن إشارات صريحة صدرت عن الأميركيين، خلال الأسبوع الماضي، تفيد باتجاه واشنطن نحو الحوار مع سورية. وزير الدفاع الأميركي ، بانيتا ، فاجأ الجميع بالإعلان عن قيام الحكومة السورية بتأمين أسلحتها الكيماوية. ورغم أنه أعاد هذا الإعلان إلى معلومات استخبارية، فمن المعروف أنها نتجت عن اتصالات بين واشنطن ودمشق عبر موسكو. تدرك قطر اتجاه الريح نحو التسوية في سورية، لكنها تسعى إلى استنساخ النموذج الإسرائيلي في استغلال حالة الغموض والتداخل القائمة حتى الانتخابات الأميركية. إسرائيل تهدد بضربة أحادية لإيران، وقطر تسعى لغزو "عربي" أحادي لسورية. ويُظهر التحليل، هنا، الترابط السياسي بين الدوحة وتل أبيب في السعي لإشعال المنطقة، ووضع واشنطن والغرب أمام منزلق التدخل العسكري المباشر. التورّط في حربين، إسرائيلية و"عربية"، ضد إيران وسورية، سيشعل حربا إقليمية أوسع، تفرض التدخل الأميركي الغربي لإنقاذ الموقف. وعلينا أن نتوقع، هنا، أن الروس لن يقفوا مكتوفي الأيدي. يمكننا أن نتصوّر أن يفكر سياسيون مثل نتنياهو وحمد بن جاسم في هذا السيناريو التدميري المفتوح لاحتمالات كارثية، ولكن اندراج محمد مرسي في هكذا مخططات، يصدم المراقب فعلا؛ فهل هذا هو الدور الإقليمي لمصر الثورة؟ وهل هذا هو وزن مصر العربي أن تكون ذراعا للدوحة ؟ وهل فكّر مرسي في عاقبة هدر الدم بين الجيشين العربيين اللذين خاضا معا حرب تشرين ـ اكتوبر؟ وماذا يقول مرسي للمواطن البسيط الذي يتساءل إذا كانت مصر مستعدة للقتال، أفليست فلسطين أقرب؟ حسنا.. لا العراق ولا الأردن ولا لبنان في وارد المشاركة في غزو سورية، ولا تقديم التسهيلات لغزوها. الاحتمال الممكن، رغم أنه غير واقعي، هو أن تقوم تركيا بالسماح للجيش المصري بالانطلاق من أراضيها ـ كما تسمح الآن للجماعات المسلحة والإرهابية باستخدام تلك الأراضي كقاعدة خلفية في القتال ضد الجيش السوري ـ لكن كم من الجنود المصريين تحتاج الحرب التي لن تكون نزهة بطبيعة الحال. ليس أقل من ربع مليون جندي مع بضعة آلاف من دول الخليج. ومن المفهوم أن قَطر ستدفع كلفة الحرب، لكن هل الجيش المصري قادر فعلا على مواجهة الجيش السوري؟ وهل يمكنه إدامة الحرب من دون قيام الولايات المتحدة بتزويده بالسلاح والعتاد والمعلومات الاستخبارية؟ وفي هذه الحالة، فالغزو لن يكون " عربيا"، بل "عربيا" ـ أميركيا، وإذا ما رافقته ضربة إسرائيلية لإيران، بما يمنعها من نصرة الحليف السوري، فإن تل أبيب، ستكون، واقعيا، الشريك السياسي والعسكري للغزوة المصرية! هل يدرك مرسي معنى الغزو المصري لسورية؟ ومستلزماته وأهواله وعقابيله ومداه الزمني والجغرافي؟ أم أن أولويته هي وضع مقدرات الدولة المصرية في خدمة الخطط الإخوانية في المنطقة؟ اعتقادنا الجازم أن سيناريو الغزو "العربي" لسورية، ليس سوى تهويل عاجز، تماما مثل التهويل الإسرائيلي بضرب إيران. والهدف القَطري من ورائه هو قطع الطريق على التفاهم الأميركي الروسي الممكن بشأن سورية، وزيادة الضغط عليها، تماما كما تفعل إسرائيل بشأن إيران. |
||
ynoon1@yahoo.com |