جمعة الإنقاذ.. للدولة نصيب منها !!

يبدو أن بعض القوى الفاعلة في الساحة الأردنية قد رتبت أولوياتها تبعا لمصالحها وليست تبعا لمصلحة الوطن ، فما يجري على أرض الواقع " يضع العقل في الكف " على رأي الأخوة السوريين ، فمن جانب ، فأن ما يجري من حشد وتجييش الناس من قبل الحركة الإسلامية " لموقعة " الحسيني ظهر الجمعة القادمة للمطالبة بتعديلات دستورية هدفها خدمة أجندة الحزب من جهة ، ومساعدة النظام ببقاء الأزمة مشتعلة كلما هدأت ! فيما ترى قوى سياسية بان التعديلات ليست ذات أولوية قياسا إلى أولوية رحيل المجلس الحالي وتعديل قانون الانتخاب وإخراج البلاد من أزمتها ، فرفض الجماعة مقترح الثلاثة أصوات الذي عرض عليهم كان أمرا مستغربا ، إذ أن الحركة وافقت عليه في عهد حكومة الخصاونه ، وكادت البلاد أن تخرج من ازمتها وتبدأ عجلة التوافق والإصلاح بالمسير ، لكن حكومة الخصاونه أُسقطت ، وعادت الحركة الإسلامية إلى الشارع بعد أن غابت عنها لفترة سعيا وراء تحقيق مطالبها بمكرمة الخصاونه وتنازلاته ، هدأ الشارع ، فأدركت الحكومة أن هدوء الشارع ليس في صالحها ، وان السير بالإصلاح خطوة لاتخدم النظام بالقدر الذي تخدمه الأزمة القائمة إذا ما استمرت ، فبادرت وعبر حكومة الطراونه بافتعال أزمات واسعة تكفي أي منها لإبقاء نار الأزمة مشتعلا ، ونذكر قرارات رفع الأسعار وتعيينات أبناء الذوات وقانون المطبوعات العرفي وحملة الاعتقالات التي طالت النشطاء ،والتي ما كانت لتصدر من حكومة تواجه أزمة مع الشعب ، وغالبا ما تجري تلك التوجهات والقرارات تبعا للحالة ألعامه ، فاعتقال الأحرار التي جرت بالأمس وستستمر حتى الخميس والجمعه كما يشاع ، يقصد بها زيادة سخط الناس ودفعهم للمشاركة في مسيرة إنقاذ الوطن 510 ، ودفع المزيد من القوى للمشاركة بعد أن كانت رافضة لتلك الفعالية ، وستعمل الدولة بالمقابل على حشد " قواتها " من البلطجة والموالاة بهدف تأزيم الحالة إلى الحد الذي يدفع النظام لاتخاذ قرارات سياسية واقتصادية واجتماعية هامه تعيد الساعة إلى الوراء بحجة ضبط الأمن والمحافظة على الاستقرار ، فكل الحكومات التي عايشت الحالة الراهنة لم تقدم على خطوة واحده بالطريق الصحيح ، أزمات تتلوها أزمات ، وفساد أعظم من ذي قبل ، وتفرد في قرارات وتوجهات ما كانت لتتم في مرحلة إصلاح حقيقي ، لكن وعلى ما يبدو أن للنظام اجندته المختلفة التي لا يمكن أن ينفذها إلا في حالة الأزمات وتمريرها عبر تلك الحالة من خلال حكومات يجري ترحيلها بعد أن تتخذ جملة منها !
بالرغم من وجود قوى وأحزاب وحراك فاعل في البلاد ، فان الدولة لم تتقدم بأي حوار مع تلك القوى ، واكتفت فقط بالتشاور والحوار مع الحركة الإسلامية بطريقة مباشرة أو عبر وسطاء كما يعلنون ، وألغت الدولة كل قرارات لجنة الحوار التي تشكلت بإرادة ملكية وشطبت معها كل التوصيات وكأن شيئا لم يكن ، وباعتقادي فأن الدولة لم يغب عن بالها إمكانية النجاح مع تلك القوى وعزل الحركة الإسلامية وخاصة في مناطق التوتر شمال وجنوب الوطن ، ولكنها الأجندة المتفق عليها والتي يخشى الطرفان البوح بها حيال ترتيبات قادمة على مستوى الوطن والهوية والوطن البديل ، وهي برامج رفضتها قوى وشخصيات وطنية وحذرت منها منذ سنين ،ولا تمانع الحركة الإسلامية بتحقيقه ولو كان على حساب الشعب الأردني ومكتسباته وتاريخه ،فهي لازالت ترفض حتى اللحظة قرار فك الارتباط مع الضفة وتبيان من هو الأردني ، وتتفق مع الدولة برفض قوننته ودسترته ، وكانت تنظر للأردن على انه ساحة معركة لا غير ، غير ان التطورات في المنطقة ووصول بعض الجماعات إلى سدة الحكم في بلاد عربية جعلها تبدل من برامجها الموجه لتحرير الأرض المحتلة مقابل شراكة حقيقية للحكم في البلاد برضا وتوافق أمريكي لم تخفيه بعض التصريحات والتسريبات التي خرجت من اجتماع الجماعة مع سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا !
ما الذي يجري ! سؤال احترنا في الإجابة عليه ، فما يجري في البلاد من ضغوطات واعتقالات وممارسات فساد وتحايل وتجاوز للقوانين والأعراف وإصدار قوانين عرفية يتناقض مع إدعاءات الإصلاح ، وان استمرار الانتقال بالبلاد من أزمة إلى أزمة ليس بالأمر المفسر ، فالحكومات كما يقال في العادة ليست غبية أو متسرعة ، فيما هي تدق بكل ذكاء أوتدة برامجها وأجندتها بعمق ، وتظهر لك ما لا تبطنه ، لتفاجأ ان كل حركة أو تحول أو تطور كان بقدر وبحكمة وخبث ، كي يجري تلقيمه للناس بيسر وهم يضحكون !! وباعتقادي أن قرار جمعة 510 لم يكن قرار الحركة الإسلامية وحدها ، ولن تكون هي المستفيدة الوحيدة منه على مستوى الشارع والوطن !