وزارة التربية وإسقاط الشعارات ( 1 )

وزارة التربية وإسقاط الشعارات ( 1 )


هذا المقال سيكون بداية لمجموعة مقالات أسبوعية عما شاهدت من تجاوزات إدارية ومالية في أهمّ وزارة في جميع البلدان المتقدّمة , ولا أعلم ترتيب وزارة التربية والتعليم في بلدنا من حيث الأهمية الإجتماعية والسياسية وحتى الإقتصادية.
لا يحتاج المراجع أو حتى الزائر لمركز وزارة التربية والتعليم في العبدلي أو أي مديرية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب إلى كثير من التركيز كي يشاهد الجدران المثقلة بالشعارات والعبارات الرنانة والتي تدعو وتنادي جميعها إلى محاربة الفساد الإداري والمالي , وإلى تطبيق القانون والتعليمات والأنظمة . يبتهج كثيرا ويسر من يرى هذه الشعارات الرابضة على الجدران , معتقدا أنّ العدل الإلهي قد نزل في هذه البقعة من الأرض وأنّ الله قد أوصى بتوريث عدل الخليفة الفاروق لهذه الوزارة العتيدة ومسؤوليها , لكنّ أكثر الزائرين لا يرون ما يجري خلف الجدران !!!
ما يجري خلف تلك الجدران المتخمة لا يعتبر إلاّ مسابقة ومبارزة بين مسؤولي تلك الوزارة , وعنوان تلك المسابقة : من يسقط أكثر عدد من تلك الشعارات أرضا ؟؟ , وما أكثر الشعارات ! وما أكثر الجوائز لمن يفوز بتلك المسابقة !! وما أكثر المسؤولين الذين يتلوّعون للمشاركة بتلك المسابقة للنيل بالغنائم والمكاسب !! .
إنّ أوّل شعار قد أسقط من قبل أكثر المسؤولين الذين تولّوا مسؤولية إدارة وزارة التربية كان وما زال هو( محاربة الفساد الإداري والمالي في تلك الوزارة , وتغييب العدالة والمساواة بين الموظّفين ), ممّا أفقد الأكثرية روح التنافس القائم على الكفاءة والمؤهلات والقدرة على تحمّل المسؤولية , فكم رأينا ونرى زملاء لنا أصيبوا بالإحباط جرّاء إسقاط هذا الشعار , مما أدى بالكثيرين منهم إلى طلاق تلك الوزارة طلاقا بائنا بينونة كبرى , وكانت النتيجة تولّي مسؤولية الإدارة العليا في وزارة التربية من قبل أشخاص لا يمتلكون أدنى درجات تحمّل المسؤولية والقيادة والجرأة على اتخاذ القرارات . والنتيجة الكارثية المحتومة من جرّاء تلك الممارسات اللامسؤولة تحمّلتها العملية التربوية والتعليمية برمّتها بما أصابها من تشويه وانحدار .
لقد تعامل المسؤولون - حيال جميع التجاوزات التي علموا بها – تعاملا في غاية السلبيّة , إمّا بدفن رؤوسهم في الرمال أو بدفن ملفات فساد كبرى لأنّها ستطالهم وتطيح بهم . وفي الحالتين يتحمّل هؤلاء المسؤولون المسؤولية المباشرة عمّا يجري من أبشع وأسوأ عملية هدم وتدميروتجهيل لأجيال سلفت , وربّما أجيال قادمة إن لم يتم تصحيح المسار .
إنّ المسؤولية ملقاة الآن على نقابة المعلمين بمجلسها الأول والمجالس القادمة وجميع المنتسبين لهذه النقابة الفتية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه , والبناء عليه للوصول إلى درجة مقبولة للجميع:- المعلم والطالب وولي الأمر.
إنّ الغاية من كتابة هذه المقالات ليس التجريح أو التشكيك أو كيل الإتّهامات جزافا وإنّما المساعدة في كشف التجاوزات والسلبيات الّتي اقترفت وما زالت تقترف من أجل وضع حلول شافية لها , وبالتالي محاولة الوصول إلى نقطة الصفر , فالوصول إلى هذا الصفر ربّما يحتاج إلى جهود الجميع , فصفر قد بني وأسّس على أرضية صلبة خير من( مليون) لا أساس له .

عبد الغفور القرعان .
30 – 9 - 2012