«المُلتقى الأدبـي وسيَّال الدمّ الجديد»

عهدي بالزمن بتجلياته المختلفة دفّاقاً، وكلّ الدمّ الذي رَكَدَ في الأجساد كان مصيره الأسن، ومصير توضعّاته – أعني الأجساد التي ركد فيها – التفسّخ والانحلال.
عهدي – مرة أخرى – بالملتقى الأدبي دفَّاقا، فهو من أكثر المُلتقيات الأدبيـة التي تعاملت معها فهماً ووعياً لمفهوم الزمن في تجلّيه التدفّقي، فثمة جديد لا يفتأ يظهر تباعاً في مختلفة الحقول الإبداعيـة، سيما تلك التي يكتبها شباب مُفعمون بالحيـاة والتجدّد.
السؤال المُزدوج هَهُنا: أي حجم يتمثله الملتقى الأدبي بالنسبة للخريطـة الثقافية الأردنية؟ ومِنْ ثمَّ إلى أي مدى يُمكن أن يصل الملتقى الأدبي؟!.
في ظلِّ الغيبوبة التي تعيشها المؤسسة الثقافية الرسمية الأردنية، أعتقد أن الملتقى الأدبي يُشكِّل حجراً من أحجار الزاوية الثقافية، لسببين:
الأول: قدرته على ضخّ مادة إبداعيـة تُواكب دفق الشباب السيَّال، وإنْ بتفاوتٍ إبداعي – حسب اطلَّاعي – بين فردٍ وآخر، ولكن كَمُنْتَجٍ جماعي هو واحد من أنشط الملتقيات الأدبية التي تضخ مادة إبداعية وتعمل على نشرها وتسويقها بطريقةٍ أو بأخرى.
الثاني: المُلتقى الأدبي ينطلق في مشروعه ومشروعيته من الميزانية صفر، وهذا يُسجّل له أخلاقياً وتطورياً. ففي الوقت الذي عجزت فيه جهات كثيرة من بلورة حالة ثقافية رغم الأموال المصروفة عليها، ها هو الملتقى الأدبي يُشكِّل هاجساً ثقافياً من الميزانية صفر، ويَسِم نشاطه الثقافي بطابع الفعالية المُستمرة.
هذا إجابة على السؤال الأول، أما بشأن الإجابة على السؤال الثاني فهي برسم المستقبل، ولكنَّ (ما هو كائن) يتضمن ولادةً لـِ (ما يجب أن يكون)، فالواقع الثقافي الدافق للملتقى الأدبي يشي بالكثير مُستقبلاً، ويدفع باتجاهات أكثر نوراً واستنارةً، من حيث قطبيته وتشكيله لحجر أساس من أحجاز الزاوية، في مجمل العمل الثقافي غير الرسمي في الأردن.