المطلوب رفع اليد وليس رفع الدعم

لا تكف الحكومة تمنّ على المواطنين بأنها تدعم المحروقات بمئات الملايين من الدنانير، ولا تكف الحكومة عن الشكوى من عجز الموازنة الذي يسببه هذا الدعم اللامتناهي، وهي لا ترى سببا في عجز الموازنة سوى دعم المحروقات بما فيها أسطوانة الغاز ورغيف الخبز، أما عدا ذلك فهي هرطقات وتخرصات موتورين ليس لديهم انتماء ولا ولاء لا للوطن ولا لقيادته.

الحكومة شمرت وهي مصرة على تصحيح الخلل وإلغاء هذا الدعم، لذلك فقد اجتمع رئيسها أمس بوزير ماليته وتخطيطه وطاقته، وبمدير عام الموازنة "المنهكة أو المنهوبة"، وبنواب محافظ البنك المركزي، لا أدري لماذا غاب المحافظ؟ وتدراسوا سبل "إعادة النظر بآلية الدعم الحكومي بهدف توجيهه ليصبح أكثر عدالة من خلال النظر بإمكانية تقديم دعم مالي مباشر للمواطنين".

لكن دعونا قبل ذلك أيها السادة المسؤولون نتعرف قليلا عن هذا الدعم الذي أرهق الموازنة، هل يعرف المواطنون على وجه الدقة والتفصيل من أين تستورد الحكومة كل شحنات النفط؟ وسعر كل شحنة؟ هل يعرف المواطنون على وجه الدقة كيف يدخل النفط إلى البلد؟ وما هي الطريق التي يسلكها حتى يصل إلى مصفاة البترول؟ هل يعرف المواطنون على وجه الدقة كم هي قيمة الضريبة المفروضة على المشتقات النفطية؟ وكيف تدخل الموازنة وتحت أي بند؟

يؤكد اقتصاديون أن الحكومة تصر على احتكار شراء النفط وبيعه للمواطنين إما لأنها تربح أو أن أحدا ما يربح من وراء ذلك.

إذا كان الغموض سيد الموقف، فمن حقنا أن نطلب من الحكومة رفع يدها عن احتكار استيراد المشتقات النفطية، وأن تسمح لغيرها بذلك. حينها يجب أن يختفي عجز الموازنة، وإذا لم تنخفض أسعار المشتقات النفطية -وهو ما يؤكده اقتصاديون وفق قانون المنافسة- فإنها لن ترتفع عن الأسعار العالمية التي تدعي الحكومة أنها تشتريه بها، وسيكون الفرق أنه لن يكون هناك عجز في الموازنة.

آخرون يقدمون وصفة أخرى، فما رأي الحكومة أن تلغي الدعم عن المشتقات النفطية، في مقابل أن تلغي الضرائب عنها، هل توافق الحكومة على ذلك، أنا كمواطن أوافق على ذلك. أتدرون لماذا، لأن اقتصاديين يؤكدون أن قيمة المبالغ التي تحصله الحكومة جراء الضريبة على بعض المشتقات النفطية يفوق قيمة الدعم الذي تقدمه إذا افترضنا صحة ذلك.