بفضل الإخوان المسلمين، سجلت للانتخابات!
قبل ثلاثة أيام من الموعد النهائي للتسجيل، قررت العدول عن مقاطعتي للانتخابات النيابية وقدمت طلبا للحصول على البطاقة الانتخابية، والتي من المتوقع أن أحصل عليها اليوم. هذا التغيير حدث بفضل عامل مؤثر واحد هو موقف الإخوان المسلمين الأخير من مبادرات الحوار التي طرحتها الدولة ورفضهم غير المبرر والمفهوم لكافة المقترحات الرسمية.
الأسباب الرئيسة التي جعلتني اقرر مقاطعة الانتخابات لا زالت قائمة وأهمها قانون الانتخابات الذي لا يحقق التمثيل السياسي الصحيح، وكذلك حقيقة أن مشروع الدولة للإصلاح السياسي غير مقنع بالنسبة لي كمواطن. ولكن في مقابل مشروع غير مقنع للدولة فإن "مشروع الإخوان” والمعتمد على المقاطعة هو مشروع غير واضح ابدا ولا أحد يعرف تفاصيله إلا أصحاب القرار التنظيمي الضيق في الجماعة –والذين بالمناسبة يتم انتخابهم بطريقة اقل ديمقراطية من الانتخابات النيابية- ولهذا أجد نفسي في نهاية الأمر ميالا إلى الركون لبرنامج الدولة غير المقنع ولكن الواضح مقارنة ببرنامج مجهول المعالم من تنظيم لم يستطع يوما أن يحظى بثقتي الشخصية في أهدافه وطموحاته.
للإخوان المسلمين دور كبير في إقرار قانون الانتخاب الحالي بسبب رفضهم لكافة البدائل. في بداية الأمر قدمت لجنة الحوار الوطني مقترحا لقانون انتخاب يعتمد قائمة نسبية لنصف الأصوات وبعد حوار ونقاش مستفيض بين كافة القوى السياسية الناشطة آنذاك باستثناء الإخوان. بمعنى آخر كان ذلك القانون يعكس توافق كل القوى السياسية إلا الإخوان الذين رفضوا الانضمام لهذا الحوار لأنهم لا يريدون الالتزام بأي توافق صادر عنه ويفضلون الاحتفاظ بموقع الضحية المستهدفة والمعارضة التي هي اسهل بكثير من المشاركة، أو الالتزام بأهدافهم التنظيمية التي لا يعرفها أحد خارج التنظيم!
لم تتعامل حكومة البخيت بجدية مع القانون المقترح مع أنها ابدت احترامها له وكانت على وشك تقديم قانون يمنح 3 أصوات للناخب، ولكن الأسوأ حدث مع حكومة الخصاونة. رفض عون الخصاونة مشروع قانون اللجنة، لأسباب قد تتعلق بعدم اقتناعه أو لرفضه، وهو القانوني المخضرم أن ينفذ قانونا لم يشارك في صياغته ولكنه في النهاية فتح أبواب الحوار على مصراعيها مع الإخوان وكان يطرح علنيا العودة إلى قانون 1989 الذي يعتبر في مصلحة الإخوان بشكل أساس ولكن الإخوان لم يدعموا الخصاونة وفضلوا الاستمرار بلعب دور الضحية حتى خسر الخصاونة قدرته على المناورة وثبت له عدم "تفويضه” بالقيام بهذه الصفقة. الحكومة الجديدة سيطر عليها منطق الشد العكسي وعادت لقانون الصوت الواحد المجزوء مع قائمة وطنية هزيلة قام الملك بالطلب من الحكومة لزيادتها.
خسر الوطن فرصة كبيرة للتوافق على قانون اللجنة الوطنية والإخوان يتحملون جزءا كبيرا من أسباب هذه الخسارة ولكنهم لا يعترفون بها. يريدون البقاء في موقع المعارضة والضحية والتنظير بدلا من تحمل المسؤوليات، وفي كل مرة يتم فيها تقديم عرض مغر لهم يتجاوز أيضا حقوق التيارات السياسية والوطنية الأخرى مثل العرض الأخير بمنح 3 اصوات للناخب يعيدون الرفض ويفضلون التهديد بالشارع والمسيرات الألفية التي لا تفيد أحدا.
كمواطن أردني أعرف أن الدولة قدمت مشروعا إصلاحيا ربما غير مكتمل وغير مقنع بإجراء انتخابات وفق قانون لا يعزز التمثيل السياسي، وأن الانتخابات سوف تفرز مجلس نواب جديدا سيقوم بتشكيل حكومات برلمانية وفق ما يتم تطويره من تكتلات سياسية وأن الحكومة والمجلس القادمين سيقومان بتعديل قانون الانتخاب وقوانين أخرى ويتحملان مسؤولية القرارات السياسية والاقتصادية في الأردن. في المقابل أنا لا أعرف أبدا ما هو مشروع الإخوان الإصلاحي ولا مكوناته ولا أهدافه ولا طرق تنفيذه. ما أراه هو فقط "سياسة حرد” طفولية لا تقدم ايّ فائدة للبلد ولا يمكن من خلالها أن أتمكن كمواطن مع الوصول إلى حالة ثقة بالإخوان أكثر من الدولة.
مشروع غير مقنع ولكن واضح وأفضل من مشروع مجهول الأهداف، ولهذا سجلت للانتخابات!
batirw@yahoo.com