إنذار فرنسي " ناعم " لمحمود عباس

نهار سعيد

الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك ، بكى بحرقة عندما وقف قرب راس ياسر عرفات مغيبا يصارع الموت ، و أبكى جميع الحضور حين خاطبه " ياسر ، انهض يا صديقي ، وعدتني ان نذهب معا الى القدس ، لا تتخلى عن الحلم ، لا تترك شعبك وحيدا ، لا تترك صديقك الدكتور شيراك " .

و قبل الرئيس شيراك ، عمل الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا ميتران ، الكثير الكثير ، لتعزيز الاختراق الدولي للقضية الفلسطينية ، بحثا عن عدالة إنسانية امن بها ، متخطيا نفسه و مشاعره ، و التي كانت ميالة تاريخيا لصالح دولة اسرائيل .

و بعد شيراك ، قاد الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي ، حملة دولية ، و خاصة أوربية قبل اقل من عام ، من اجل ان تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو ، و بلغ التنسيق الفرنسي العربي ذروته ، قبل ان تتلقى تلك التحركات التاريخية ، و يتلقى ساركوزي ، ضربة استثنائية في الظهر من قبل محمود عباس .

اما اليوم ، و في زمن الرئيس فرانسواز هولاند ، فالثقة معدومة ، و لم يعد من المسموح " وقوع الحمل في مكان ، و الولادة في مكان اخر " ، و محمود عباس مطالب بالحصول على شهادة حسن سلوك مسبقة ، لان فرنسا قد تسامح على الخديعة الاولى ، و قد تغمض عينها بعض الوقت عن كبرى جرائم العصر ، بقتل صديق و حليف مقرب مثل ياسر عرفات ، لكن الأغبياء وحدهم من يعتقدون ، ان فرنسا يمكن ان تخدع لأكثر من مرة ، و من نفس الشخص ، و في نفس الملف ، و ذلك ما دفع الرئيس هولاند ، الى اصدار إنذاره " الناعم " لمحمود عباس ، بان لا يقدم على أية خطوة مفاجئة من وراء ظهر فرنسا ، فهل فهم عباس ذلك ؟

لا اعتقد ، فالقصور عن فهم الحقائق ، ليس بالضرورة قصور عقلي ، فمعظم حالات القصور السياسي ، ناتجة عن قصور في الشجاعة و الرجولة ، لكن ما على عباس ان يفهمه جيدا ، ان مياه الغضب الفرنسي ، ستلقي قريبا بالكثير على شواطئ الرئاسة الفلسطينية ، بما في ذلك ، عجز اي كان عن وقف العدالة الفرنسية ، في حراكها المحموم ، بحثا عن اسباب موت رجل ، اعتبرته فرنسا دوما مواطنا فرنسيا من الطبقة الاولى .