إذا لم يشارك الإسلاميون بالإنتخابات فالمركز البيروقراطي العشائري الأكثر تأهيلا لقيادة المشروع

اخبارالبلد : بسام البدارين  - تبدو أجواء النخبة السياسية في مؤسسة القرار الأردنية متشككة بإنتاجية الإنتقال بسرعة لمستوى تشكيل حكومة الأغلبية البرلمانية في ظل غياب الأحزاب السياسية الفاعلة والمستوى الضعيف لعملية التسجيل في الإنتخابات المقبلة وكذلك في ظل بقاء تيار المعارضة الحزبي الأهم في الحركة الإسلامية خارج 'التجربة' الجديدة في المدى المنظور والتأسيسي الطازج.
هذا الموضوع الذي تبشر به مؤسسة القرار الأردنية منذ أسابيع على أساس أنه مفصل المشهد الإصلاحي الجديد في البلاد يثير في الواقع وفقا لمعلومات القدس العربي نقاشا حيويا وساخنا وأحيانا يثير جدالات حائرة حتى داخل اوساط الحكم والقرار.
رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات عبد الإله الخطيب عزل مؤسسته تماما عن سياقات المشهد السياسي، وقال علنا 'لا نريد التورط في التجاذب السياسي' لكن مراقبين يشيرون الى ان ميكانيزم القانون قد يسمح بإضافة نوعية على تطوير آلية تشكيل الحكومات في المرحلة الحالية.
المقصود بذلك أن تتشكل حكومة فور إنتهاء الإنتخابات من أغلبية برلمانية وفي الحالة المحلية مع عدم وجود أغلبية حزبية تصبح المعادلة تشكيل وزارة من إئتلافات وتكتلات برلمانية في إنتخابات سيغيب عنها الطابع السياسي إذا ما أكمل الإسلاميون مشوار المقاطعة.
معروف البخيت رئيس الوزراء الأسبق نشر مقالا إستعرض فيه الموضوع وإنطوى على إشارات إستفهام بعنوان غموض التجربة المقبلة التي وضعت أوروبا والولايات المتحدة بصورتها على إعتبار أنها خطوة إصلاحية من الوزن الثقيل تعتبرها بعض الرموز مثل وزير البلاط الأسبق مروان المعشرغير كافية بوضوح.
القيادي البارز في حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب وعلى هامش برنامج تلفزيوني شاركت به القدس العربي طرح تساؤلات تفصيلية عن خارطة القوى غير المحزبة وغير المسيسة التي يراد لها أن تقنع الرأي العام بان حكومات على أسس وإعتبارات جديدة ستولد قريبا.
النقاش في هذا الموضوع إخترق أيضا أوساط حكومة الرئيس فايز الطراونة الذي يتخندق بدوره امام فكرة تقول بان الحاجة غير ملحة إطلاقا من الأصل لأي تغيير او تطوير لآلية تشكيل الحكومة حيث يعرف الجميع بان حكومة الطراونة راحلة قريبا فيما ستكون الحكومة المقبلة هي آخر حكومة تتشكل وفقا للنمط القديم.
بالنسبة لسياسيين كبار النمط الجديد غير واضح بعد والتجربة 'حمالة أوجه' وفي قراءة لبرلمانيين كبار تشير الدلائل الأولية الى ان الآلية قد تتغير فعلا مع ولادة البرلمان العصري الجديد لكن الوجوه ومعها أساليب العمل ستبقى على الأرجح نفسها وما سيحصل هو إستبدال تكنوقراط تم إختياره على أسس عشائرية وجغرافية بأعضاء برلمان منطلقون من ثقافة الخدمات ويمثلون أيضا ثقلا عشائريا.
بالنسبة لشخصيات في التيار الإسلامي من طراز رئيس مجلس الشورى الشيخ علي أبو السكر من الغريب إختلاق نموذج مشوه من هذا النوع لحكومات تمثل الشعب وتعكس إرادته فالأصل أن تتشكل الإئتلافات من تكتلات نجحت في الأساس بالإنتخابات وفقا لبرامج شاملة حزبية.
رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب لاحظ في جلسة حوارية مهمة مؤخرا بان من يشكل حكومة برلمانية عليه أن يتقدم أصلا للناس في الإنتخابات على أساس برنامج سياسي وإقتصادي وإجتماعي شامل ومفصل حتى يستطيع الشعب مراقبته وتحديد موقفه من تطبيقه.
مثل هذه الملاحظة الخبيرة والمؤثرة تؤشر على مستوى الجدل النخبوي الذي يجتاح البلاد مرحليا تحت عنوان غموض المرحلة المقبلة خصوصا إذا خرج الإسلاميون كما هو متوقع - من لعبة البرلمان حيث تدلل خارطة إنتخابات البرلمان على أن أحزاب اليسار والأحزاب القومية فشلت بصورة ذريعة في إيصال أكثر من مرشح إلى كرسي البرلمان.
مقابل ذلك تدعم أحزاب الوسط مرشحين فرصهم جيدة في أوساط العشائر ثم تبدأ بجمع بعض الناجحين لتكتل بإسمها بعد الإنتخابات، الأمر الذي يرجح أن تتولى أحزاب الوسط الممثلة عمليا لما يسميه المحلل البارز خالد رمضان بالمركز العشائري البيروقراطي وراثة آلية تشكيل الحكومات القديمة المستنفدة وتقود التجربة الجديدة ما دام حزب الإسلاميين خارج السياق وأحزاب اليسار غير مؤثرة أصلا.