المرحوم الدكتور زهير ملحس.. ناعم الملمس كحجر الصوان ؟!

.. بصمات الرجال عندما يرحلون متموجة ضبابية. البعض منها لا بصمة له.فهذا اراح واستراح! وبعضها له اثار كلامية تمحوها نسمة هواء عليل! والبعض منها راسخة.كصخر صوان تتحدى الزمان. وهذه درجات ومقامات. خالطت وتفاعلت واختلفت وتجادلت وسافرت واجتمعت وانعزمت واكلت. مع (ابو عمر). ومن هذا المنطلق اكتب ها هنا شذرات عن رجل عظيم عنيد وشرس -بالحق- فيما يؤمن به. رغم مظاهر اللطف. والابتسامة التي لاتفارق محياه..
اول لقاء قادتني اليه الصدفة -التي لا أذكر تفاصيلها-قابلته في مكتبه في وزارة الصحة. نجم عنها تكليفي-فيما اعشقه-بتولي مسؤولية البدء في تنظيم وتكوين فعاليات التثقيف الصحي. وهذا أثلج صدري وفتح له قلبي. وهذه كانت البداية.. وهذه التجربة الأولى بينت خاصيته في استقبال والترحيب باي فكرة ليتبناها بقوة اذا اقتنع بها. وتمثلث هذه الاتجاهات في مبادرات رائعة عشتها شخصيا ومباشرة.. منها:
الجمعية الوطنية الاردنية لمكافحة التدخين: في 16/6/1981. تم إنشاء هذه الجمعية.واذكر جيدا حماسه المتطرف.. (ان صح التعبير) في الموافقة الفورية عندما عرضت عليه هذه الفكرة. التي ربما كانت الاولى في وطننا العربي.. والتي حملت راية مكافحة هذا الوباء. بجهده وتشجيعه وحماسته. ومن الطرائف المعروفة عنه. انه اذا شاهد (قمعة سيجارة) ملقاة على الارض في بناية الوزارة.كان يقيم الدنيا ليعرف مرتكبها..
منظمة الصحة العالمية: في جنيف عام 1981 وكان يتراس مجلس وزراء الصحة العرب. عرض مشكلة الاوضاع الصحية لاهلنا في (الضفة) باسلوب يحمل كل معاني التحدي والاقناع والمنطق.. لكل ممثلي دول العالم..
الجمعية الاردنية للعناية بالسكري: بحكم خصائصة.. تبنى -بلا تردد- ما يراه صحيحا مفيدا. وهكذا تبنى فكرة انشاء هذه الجمعية عندما عرضتها عليه. وتحقق ذلك في الاجتماع الذي عقد في مكتبه في وزارة التنمية الاجتماعية بتاريخ 10/9/1989..
وعلى نفس هذا المنوال تم انشاء المجلس العربي لمكافحة التدخين. وبجهوده الصلبة تم عقد الهيئة التأسيسية من ممثلين ل(14) دولة عربية. إضافة الى منظمة الصحة العالمية واليونسف. وتقديرا لهذا الموقف اصر الجميع على انتخابة رئيسا لهذا المجلس. وتشرفت لانتخابي امينا عاما له.
الجمعية الاردنية لحوادث الطرق. رسخ وجودها وكد انطلاقها عندما تولى رئاستها..
في عام 1980 تم الموافقة على اصدار مجلة صحية باسم مجلة الصحة. تصدرها وزارة الصحة. وكنت رئيس تحريرها. افتتاحية العدد الاول الصادر في اب 1980 تصدرتها كلمة لمعالي المرحو م جاء فيها. ما يوضح بعض افكاره واتجاهاته.
المرحوم د. جميل التوتنجي اول وزير صحة.يقول في العدد الثاني لمجلة الصحة عن زيارة د. ملحس له: (كانت بالنسبة لي تكريما اكثر من وسام. لانه اول وزير للصحة قد زار زميلا له قديم. ارسى وشارك في بناء الهيكل الصحي في بلدنا العزيز).
المرحوم (ابو عمر )ليس من اوائل اطباء اختصاصي القلب والباطنية. بل هو أولهم.
الدكتور زهير ملحس لم يستعمل سيارة الدولة الرسمية لتنقلاته الخاصة..؟!
كانت علاقته بالكمبيوتر حميمية جدا. وكان دوما يطلع على اخر التطورات والمستجدات الطبية في العالم.في مجال اختصاصه أولاً بأول.
كان مندهشا وممتعضا جدا جدا.. من (كيف تبدلت المواقف والعلاقات معه. بعد ان خرج من الوزارة اول مرة..؟!
اكثر وزير صحة -حسب علمي- شجع وشكل وترأس جمعيات تطوعية..
بعد ان كتبت هذا المقال وراجعته. رأيت وكأنني ازج نفسي في ثناياه. ورغم عفوتيها الا انها اراحت نفسي لتكون شاهدا. يؤكد مصداقية المشاعر وحقيقة الاحداث..
مثل هؤلاء الرجال كيف يرحلون.. بدون مذكرات؟! ولعل السر عند عمر زهير ملحس ؟
drshriem@umniahlive.net