معركة تفاوضية شرسة بالأرقام مع الأخوان المسلمين في الأردن: عدد المسجلين للإنتخابات يقترب من مليونين يقابلهم 55 حراكا تنضم لمسيرة 'الزحف المقدس'
لا يعكس تصريح المراقب العام الأسبق للأخوان المسلمين في الأردن الشيخ سالم الفلاحات واقع الحال وهو يعتبر عروض الوساطة التي قدمها بعض السياسيين حتى الآن 'غير منتجة' فيما يتعلق بملف مقاطعة الإنتخابات الوشيكة.
على الأرجح يتبادل الفلاحات مع آخرين الأدوار السياسية فالشيخ زكي بني إرشيد الرجل الثاني في التنظيم الأخواني أبلغ كما تردد وسيط القصر الملكي فيصل الفايز بأن عرضه الأخير قد يشكل إغراء لتيار الممانعة.
الملاحظة المهمة اليوم أن الشيخ الفلاحات ورفيقه الشيخ إرحيل الغرايبة المحسوبين تاريخيا على التيار المعتدل يشكلان جبهة متشددة في مسألة التفاوض مع النظام خلف الكواليس فيما يبدو جناح الصقور المتشدد أكثر ليونة ومرونة خلافا لكل القراءات.
لذلك أسباب مباشرة وملموسة، يقول الناشط المقرب من الإسلاميين الشيخ محمد خلف الحديد، فالتيار المعتدل دفع ثمن 'تضليل' بعض المسؤولين عامي 2007 و2010 له وبعض القادة المعتدلين ومنهم الغرايبة وعبد اللطيف عربيات سقطوا في إنتخابات مزورة رغم نجاحهم عام 2007 بعد 'كذبة' شهيرة إرتبطت بالجنرال محمد الذهبي وحكومة معروف البخيت آنذاك.
مؤخرا ألقى القيادي المهم في الحركة الإسلامية أحمد الزرقان بقنبلة سياسية من الطراز الرفيع عندما أعلن عبر إحدى الشاشات بأن مؤسسة المخابرات ممثلة بالجنرال القوي الذي ينظر له كثيرون بإحترام فيصل الشوبكي وافقت خلال إتصالات سابقة معها على المزيد من التعديلات الدستورية التي يطالب بها الأخوان المسلمون.
معنى ذلك أن إجراء تعديلات على صلاحيات الملك مستقبلا مقابل 'شراكة' بطعم جديد مع الإسلاميين مسألة لم تعد خطا أحمرا، كما يقول رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي، حيث يمكن ببساطة ملاحظة بأن السلطات لم تنشر نفيا للمعلومة التي كشفها الزرقان ولم تعلق عليها.
فيصل الفايز الوسيط الأكثر قربا من مؤسسة القصر الملكي سجل في الأفق خيارا جديدا أمس الثلاثاء عندما تحدث علنا ولأول مرة عن عرضه الجديد للأخوان المسلمين وهو صوت ثالث في قانون الإنتخاب إضافة لصوت الدائرة وصوت القائمة الوطنية.
خيار من هذا النوع يمكن أن يعود بالمسألة برمتها إلى إستراتيجية وثيقة الحوار الوطني التي ترأسها طاهر المصري حسب عضو اللجنة مبارك أبو يامين في خيار يمكن أن ينزل بموجبه الجيمع عن شجرة التأزم.
الإنطباع اليوم عند الأوساط المقربة من فيصل الفايز ان الرجل عائد بقوة لمسرح القرار ليجلس في أحد كرسيين إما كرسي رئاسة الحكومة خلفا لرجل التأزيم الذي خرجت حكومته عمليا من كل السياق، وشارفت على الرحيل فايز الطراونه أو كرسي رئاسة الديوان الملكي.
معنى ذلك أن الفايز يعرض خيارات سيشرف شخصيا عليها في حالة عودته لأضواء الحكم فالرجل إتصل بالإسلاميين بصفة غير رسمية بعد أقل من 24 ساعة على لقاء خاص بمؤسسة القصر الملكي. الفايز يشدد في تعليقاته لمن يسأل على أنه 'ليس مكلفا أو مفوضا' اليوم وأن جهده بمبادرة شخصية لكن داخل مؤسسة القصر لا يوجد أي لافتة تطالب الرجل بوقف إتصالاته وإن كان قد تم إبلاغ بعض السياسيين ومنهم طاهر المصري بأن الفايز يعزف منفردا.
هنا مربط الفرس في إتصالات خاصة وراء الكواليس جرت بين الفايز والثلاثي زكي بني إرشيد وسالم الفلاحات وحمزة منصور وهي إتصالات تتطور بإستمرار.
والإنطباع أن توفير مساحة حرة من الحركة للفايز مفيد ومنتج وإذا ما توصل الرجل لصفقة مع الأخوان يمكن منافشتها قد يكسب الجميع إلى أن يصعد الضوء الأبيض لإعلان موقف حازم وحاسم ونهائي حيث لا يوجد داخل النظام اليوم من يتحمس فعلا لتنظيم إنتخابات بدون الإسلاميين بسبب الأجندة الإقتصادية القاسية المرتقبة مع مطلع العام المقبل حيث سترتفع الأسعار بجنون ويرفع الدعم تماما عن جميع السلع والخدمات.
وفي الوقت الذي إعتقدت فيه السلطات بأن أقتراب عدد المسجلين للإنتخابات من رقم المليوني مسجل رغم المقاطعة يساهم في تحسين موقعها في معركة التفاوض الخلفية مع الأخوان المسلمين.
في هذا الوقت تحديا فاجأ الأخوان المسلمون تكتيكيا خصومهم برقم مقابل لا يقل رعبا من حيث تأثيره السياسي فقد أعلنت 55 هيئة حراكية في البلاد أنها ستشارك الإسلاميين في مسيرة 'يوم الزحف المقدس' المقررة في الخامس من الشهر المقبل والتي إلتزم الإسلاميون علنا بأن يشارك فيها ما لايقل عنت 50 ألفا من المواطنين.
هذه المسيرة - لو نظمت فعلا - تحت عنوان زحف الأردنيين المقدس من أجل الإصلاح ستدشن حالة مختلفة بإسم الربيع الأردني لإن الإسلاميون سيدركون وقتها بأنهم سيبقون في الشارع للأربع سنوات المقبلة كما يقول عضو البرلمان البارز خليل عطية وهو يجدد السؤال : هل نحن مستعدون لذلك فعلا؟
اللافت أن الشيخ بني إرشيد دينامو الحركة الأساسي في المشهد الإسلامي المحلي يفاوض فيصل الفايز ويرتب شئون مسيرة الزحف المقدس في نفس الوقت في إطار عمل سياسي وسلمي متقن مع رفاقه بإمتياز.