عُراة وجثة في عبدون

لا وقت للدهشة أمام الأردنيين، وإن تندروا على خلْع سائق تاكسي ملابسه، البارحة، احتجاجاً منه على مخالفة سير، فقد انتصف نهارهم بالعثور على جثة ملقاة أسفل جسر عبدون.

"سقوط" ربما أغرى كثيرين ممن يحلمون بـ"زلة قدم" تنجيهم من معاناة مزمنة بسبب سياسات ترمي إلى إفقارهم، و"عري" قد يربك المارة والسيارات غير أن ضحكتهم لن تنسيهم رغبة مضمرة بالمشي حفاة أو عراة اعتراضاً على السياسات ذاتها.

أزمة السير تنتهي مع ارتداء السائق آخر قطعة ثياب، بينما تحار "الجثة" في أمرها، فلا مجال هنا للحديث إلاّ عن الأرواح التي تصعد غاضبة إلى راحتها الأبدية.

"عري" و"سقوط" يبعثان على الضحك والبكاء في آن، في ما يتابع كثيرون تصريحات أحد قادة الإخوان المسلمين، في حوار تلفزيوني الليلة السابقة، متهماً السلفيين بالاعتصام قبالة السفارة الأمريكية –احتجاجاً على الفيلم المسيء للرسول- تلبية لطلب الأجهزة الأمنية.

تصريح "إخواني" استدعى تكذيباً من قبل التيار السلفي، وتذكيراً بعدم وجود صلة لهم مع سفارات وجهات معادية، وبمعتقليهم الذين جاوزوا الأربعين، فيما "الإخوان" لا معتقلين لهم ويعقدون مؤتمراتهم في فنادق 5 نجوم.

اتهامات متبادلة بين كلا الطرفين، لكنني لم أذكر من إطلالة المسؤول الإخواني سوى نقاشه المستفيض حول "المشاركة في الانتخابات، وربطها بتعديلات دستورية تعيد السلطة للشعب"، وفق قوله.

"حسابات سياسية" لم تمنعني من التقاط مقولة أساسية لدى الشيخ السلفي الذي يؤمن أن "أراضي اليمن وسورية والعراق وأفغانستان والمغرب الإسلامي والصومال والباكستان تشهد على نقاء سريرة السلفيين ودفاعهم عن الإسلام والقتال ضد التيارات الكافرة والمستبدة".

إلى جوار "التكفير" و"لعبة الانتخابات" أمضي إلى عملي، مقرراً الالتزام بقواعد المرور، وعدم السير وحيداً على جسر عبدون!.