مقاتلين بالوكالة لاسقاط سورية الدولة


لم يكن تجمع القوى الدولية من كافة اسقاع الارض للاطاحة بالنظام العراقي السابق عام 2003 سوى رسالة واضحة بان المطلوب هو تركيع العراق عبر الاطاحة برأس الشهيد صدام حسين لتقسيم العراق ومساواته لاحقاً بدول التخلف العربي المحيطة فلم تكن القوى العسكرية التي ارادت بالعراق شراً لتنسحب حتى لو اعلن صدام حسين اعتزاله لحكم العراق وتركه مقاليد السلطة لان حجم المؤامرة يتعدى شخص الرئيس للأنقضاض على حضارة الدولة .
تلك المقدمة اسوقها على عجل لمحاولة انعاش الذاكرة الشعبية والعربية التي سيطرت عليها احاديث العاطفة ومناظر القتل وتقارير وكالات الاستخبارات الغربية المدعومة بالميليشيات الاعلامية العربية لتصوير المشهد السوري غارقاً في بحر الدماء والتقتيل لدعم جهود ( عربان الخليج ) عسكرياً وبشرياً لتدمير الدولة السورية وتنفيذ الحلقة الثانية من مسلسل التآمر العربي والغربي بعد الفراغ من الحلقة العراقية الأولى بحجة الربيع العربي وتخليص الدول العربية من نيّر الظلم والاستبداد لتسليمها لاحقاً لجلادين التقسيم والتركيع والفساد لتكون برداً وسلاماً على اسرائيل .
اعترفت ادارة الاحتلال الاميركي بالعراق بسقوط آلاف المقاتلين الاميركيين بسبب الاحتلال الاميركي بالاضافة لمقتل الآلاف من محاربي شركة ( Black Water ) ووجدت نفسها في ورطة حقيقية امام الرأي العام الاميركي دفعها لاحقاً لاعلان الانسحاب الكبير لقواتها المتواجدة على ارض العراق والبحث عن طاقة بشرية ( بديلة ) ومقاتلين لا يضرها في اي ارض سقطوا لتنفيذ اجنداتها السياسية والعسكرية في باقي البلدان العربية المطلوب تغيير نظام حكمها لاقامة حلم الشرق الاوسط الجديد الذي ما زال يداعب خلجات اصحاب القرار الامريكي والاسرائيلي ويبدوا ان عرّابي ( العم سام ) وجدوا ضالتهم في المقاتلين العرب والمسلمين ليقاتلوا بالوكالة عنهم لتكون كلمة اميركا ومشايخ النفط هي العليا على غرار الحالة الافغانية السابقة التي تمكن فيها الشباب المتحمس للجهاد من اسقاط الاحتلال السوفييتي بدعم الحكومات الامنية العربية عبر توظيف الخطاب الديني والدعوي على المنابر لحشد الهمم والاعداد البشرية والاسلحة واموال الزكاة لتقاتل مجاناً لوجه ( اميركا ) وتخليص افغانستان من مخالب العقاب السوفييتي لمخالب العقاب الاميركي !! .
في الحالة السورية الراهنة وجد اصحاب القرار الاميركي بان تفعيل دور كثير من الفرق السلفية وشيوخها الغارقين في الدعاء لاولياء الأمر بطول العمر والتمكين والتوريث ( مثلما غرقت بلدانهم بالفساد والتخلف والقواعد الاميركية ) وجدت الادارة الاميركية الحل الأنسب والأسلم عبر الدعوة للجهاد المقدس لاسقاط نظام الحكم السوري وتجنيد المقاتلين ( المغرر بهم ) لانقاذ دولة سوريا من نظام الاكتفاء الذاتي واللامديونية والوحدة والتعريب ومجانية التعليم والطب والتاميم والتصنيع العسكري وفائض الانتاج الزراعي من القمح والشعير والقطن والبنجر والطاقة البديلة على مستوى العالم والحمضيات لارجاعها للخلف وعبر السواعد المسلمة والعربية للأسف لتستدين وتخصخص ثروتها القومية وتستورد مأكلها ومشربها وتتقسم وتتقاسم الخراب فأي جهادٍ هذا الذي يقارفه البعض منّا ويهدي مخرجاته الخبيثة على طبق من ذهب للادارة الاميركية والاسرائيلية والخليجية سواء وما العراق عنكم ببعيد ؟!!! .
تشير الاحصاءات الرسمية بان عدد السوريين يبلغ ( 23 ) مليون نسمة وتشير المعلومات العسكرية بان عدد من خرجوا على نظام الحكم السوري لم يبلغ سوى بضعة آلاف يضموا مقاتلي الجيش الحر والسلفيين وعناصر بلاك ووتر مدعومين بالجهود الاستخباراتية الغربية والنفط السياسي لتنفيذ خطة الاجهاز على الدولة السورية بكافة مكوناتها الحضارية وما زال جمهور ( ثوّار الربيع ) هناك بلا حاضنة شعبية ولا يملكون من القبول الشعبي درجات مقبولة تؤهلهم لاحداث التغيير حتى شاهدنا لجوءهم لاحياء دمشق وحلب وبعض الارياف وبالمقابل شاهدنا كيف خرج الاهالي من الشعب السوري من تلك الاحياء لرفضهم ثوار ( الجيش الحر ) ولم يدم تواجدهم في تلك الاحياء بضعة ايام في حين شاهدنا لجوء ثوار ليبيا لاحياء ( مصراته ) مدة ثمانية شهور كاملة وذلك للقبول الشعبي وتشكيلهم حاضنة شعبية وعسكرية للثوار الليبيين لتخليصهم من سيادة العقيد المفكر وملك ملوك افريقيا القذافي !!! ناهيك عن الانقسامات العسكرية في صفوف الثوار السوريين وعمليات التصفية المتبادلة بين الجيش الحر والسلفيين المتطوعين للجهاد الاميركي والتي يتم تغذيتها بشكل مباشر من خارج الحدود لعدم قناعة الادارة الاميركية بتكرار المشهد الافغاني ورفضهم الاكيد لتسليم السلطة للمقاتلين السلفيين لاقامة دولة التوحيد التي ينشدوها على انقاض الدولة السورية القائمة في حال تم ذلك اصلاً فما هو السبب المقنع للكثيرين منهم لاعلان حالة الجهاد في سوريا واين المنطق وكياسة المسلم في انتقال احد الشباب المجاهدين من ارض فلسطين المحتلة من قبل اليهود ليعبر الحدود وينطلق من دولة اخرى لارض سوريا لقتال النصيريين على حد ادعاؤهم ؟!! .
الادارة الاميركية والخليجية للربيع السوري ساهمت في استغلال الخطاب الديني بشكل بشع في الحالة السورية الراهنة وأسست ( لمرجعيات ) جديدة لأهل السنة تنطلق من عواصم النفط والغاز المسال بهدف توظيف المقاتلين من جديد لتنفيذ الاجندات الاميركية بغير علمٍ ولا دراية للكثيرين منهم في حين قيّضت تلك المرجعيات الدينية شيوخ المنابر في بلدانهم الاصلية لفتاوى العبادات والحيض والنفاس فقط والتحريم عليهم من الخوض في أمور الحياة السياسية والاقتصادية والتفرغ للدعاء لولي الأمر في كل مناسبة واطلقت امكاناتهم بالمقابل في الحالة السورية لممارسة النهي عن المنكر خارج الحدود واعتبار من بقي منهم ( خوارج ) في نظر حكوماتهم الامنية بعد استقرار الاوضاع في سوريا ببقاء نظام الحكم الحالي او بقيام الدويلات المدنية المدعومة اميركياً في حال نجحت المؤامرة الاميركية هناك .
Majali78@hotmail.com
خلدون مدالله المجالي