ما يجري في دولة الإمارات العربية المتحدة بحق الإسلاميين من المواطنين الإماراتيين، وبحق كل من يحمل الفكر الإسلامي على العموم، شيءٌ مريع ومرعب فيما يتعلق بموضوع الحريات العامة وحقوق الإنسان، يصل إلى حد الجريمة الصامتة، التي تجد تعتيماً إعلاميّاً مريباً، في ظلّ ثورات الربيع العربي التي بشرت بفجرٍ جديد يؤذن ببزوغ فجر الحرية على العالم العربي بأكمله.
الحركة الإسلامية في الإمارات حركة واعية وراشدة، وسلميّة ووادعة، تنتمي لوطنها انتماءً عميقاً ومتجذراً، والإسلاميون يقدرون الأوضاع السياسية بذكاء، ولذلك فقد اكتفوا بالنمط الدعوي الناعم الذي يتمحور حول الأعمال الخيرية والتطوعيّة، تحت لافتات مشروعة، تبتعد كل البعد عن أي سلوك استفزازي أو تحريضي، رغم التضييق الرسمي الممنهج الذي اتخذته السلطات ضد من تشك بانتمائه لفكر سياسي إسلامي، فتعمد إلى إبعاده عن مراكز التوجيه والتأثير، وتبعد كل من ينتمي للفكر الإسلامي من الوافدين عن أرضها.
لقد تمّ في الآونة الأخيرة ملاحقة أفراد الحركة بقسوة، وتمّ اعتقال العشرات منهم وزجهم في السجون، وتمّ تجريد عدد منهم من الجنسية وحق المواطنة، بطريقة تخالف الأعراف الدولية، وتخالف شرعة حقوق الإنسان، فضلاً عن مخالفة الأعراف والتقاليد العربية والإسلامية، بلا مسوغ قانوني، ودون الاستناد إلى أي أثر من أدلّة جرمية أو جنائية.
وقد طالعتنا بعض الصحف الخليجية خلال الأيام القليلة الماضية بنشر أخبار رسمية توجه التهمة إليهم بالتبعية إلى جهات خارجية وتهمة تلقي أموال وإنشاء تنظيم، وليس هذا فحسب بل أشارت بعض الصحف بشيء من المبالغة بالاتهام بإنشاء تنظيم عسكري، والتعرض للنظام السياسي والتخطيط للاستيلاء على السلطة في البلاد، ويبدو أنّ بعض الصحف المعروفة بتوجهاتها العدائية التاريخية للفكر الإسلامي منذ زمنٍ بعيد قد وجدت ضالتها في التحريض والتعبئة ضد الإسلاميين، والمبالغة في كيل الاتهامات على طريقة الأنظمة العربية الثورية المستبدة في أواسط الستينيات والسبعينيات، التي كانت تقوم بإعدام كل من يخالفها الرأي تحت تهمة التخطيط للاستيلاء على السلطة.
الحركة الإسلامية الخليجية تمتاز باللطف والوداعة عموماً، وليس لديهم أي ميول عنفية أو عسكرية، بل هم مواطنون يحملون هم وطنهم برجولة ومسؤولية وحسن تقدير، ويودون أن يسهموا في رفعة بلادهم وتقدمها والحفاظ على أمنها واستقرارها، ومحاربة الفساد، والحد من سطوة الفاسدين الذين استبدوا بمفاصل الدولة و عملوا على إبعاد الأمناء الاكفياء الأقوياء، ومعاقبتهم لأنّهم يحملون الفكر الحضاري الإسلامي العالمي، ولأنّهم تجرأوا على المطالبة بضرورة تطوير الأنظمة السياسية في الخليج، ولا بد من إعطاء فسحة مناسبة للحريات، ولا بد من التوجه نحو مبدأ التمثيل الشعبي عبر تكوين مجالس منتخبة؛ فهذا حقٌ مشروع لكل البشر، وهو أمرٌ حتميٌّ، لا يمكن حرمان شعوب الخليج من حقها في السيادة والسلطة، وحقها في الاختيار وحقها في المراقبة والمحاسبة على مدى الدهر، ويجب الاعتراف بأنّ هناك تواطؤا عالميا وتواطؤا عربيا إزاء هذه الجريمة الصامتة، التي تقترف بحق مواطنين من شعب الإمارات يحلمون بالتقدم نحو تكوين مجالس منتخبة تقوم بمهمة الرقابة والمحاسبة على أصحاب المسؤولية الذين يمارسون السلطة المطلقة بالوراثة.