اخبار البلد - بسام بدارين - لو ظهرت على شاشة أي فضائية محلية أردنية في برنامج يتحدث عن سعر البندورة لخرج أحدهم ليسألني عن قصة الحقوق المنقوصة للأردنيين من أصل فلسطيني.
حصل ذلك مجددا الأسبوع الماضي فقد كنت ضيفا بمعية أمين عام حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب على برنامج خاص في فضائية اليرموك للتحدث حصريا عن أزمة قانون الإنتخاب.
أحد المتصلين أطل بصوته عبر الشاشة وشكر المذيع وضيفيه كالعادة ثم توجه بالسؤال المكرر الذي طرحه في الواقع علي الدكتور ذياب قبل التصوير وفي الكواليس: نرجو من الأخ بسام أن يخبرنا عن تصوره للحقوق المنقوصة؟
بطبيعة الحال قابلت السؤال بإبتسامة فزوجتي تطرحه علي في بعض الأحيان والزميل المذيع إعتبر السؤال خارج السياق ورفض السماح لي بمناقشته رغم أني أميل بصراحة للتحدث في هذا الموضوع فتهمة الحقوق المنقوصة تمطر كل من يتحدث عن الدولة المدنية أو دولة المواطنة أو سحب الجنسيات في الأردن.
بالنسبة لي لا زلت أعتقد بأن المسألة لا تتعلق بحقوق منقوصة بقدر ما تتعلق بحقوق كاملة غائبة ومغتصبة وبإقصاء وتهميش يضر أولا وقبل كل شيء بالأردن ومستقبل الأردنيين.
لذلك أرجو من الأخوة القراء والمتابعين أن يتوقفوا عن سؤالي عن حق منقوص وأن يطوروا الموقف بإتجاه سؤالي عن حقوق كاملة غائبة ومغتصبة وليس فقط منقوصة .
جماعة ماوتسي
لكن عبر شاشة فضائية اليرموك أطل المسؤول السياسي لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة ولأن المحطة (أخونجية) بقي معنا على الخط قليلا للمتابعة.
صاحبنا أعجبني وهو يعدد الجهات الخارجية التي ربط الإعلام الرسمي عبر كتاب التدخل السريع في إحدى صحف الحكومة الأخوان المسلمين بها .. قال: لم يبق إلا إتهامنا بالتبعية لكوريا الشمالية ولماوتسي تونغ.
بسرعة لاحظت كيف تصدرت لمعة (ماركسية) وجه الرفيق سعيد ذياب عندما ذكر العضايلة إسم ماوتسي تونغ فسارع للقول: يا ريت يا شيخ تصيروا من جماعة ماوتسي.
طبعا ماوتسي هو إسم الدلع للزعيم العظيم ماوتسي تونغ وعندما عدت لتقليب صحيفتين قرأت فعلا نحو 13 مقالا في يومين تستهدف الأخوان المسلمين واللافت أنهم حسب ما قرأت مرة من جماعة واشنطن وأخرى من جماعة خالد مشعل وثالثة من جماعة المشروع الصهيوني ورابعة من حلفاء واشنطن وخامسة من جماعة الملالي في إيران دون أن ننسى قطر وتركيا.
الأخوان المسلمون كل ذلك مع بعضه البعض .. هم إذا أذكياء جدا وأذكى كثيرا من الحكومة الأردنية التي لا تتواصل إلا مع واشنطن وتل أبيب فقط .. أليس كذلك؟
إحراق مراسل
ترأس عبد الكريم العقدة المراسل الفدائي الشهير شبكة الشام التي تعتمد على وسائل بدائية لتوصل رسالة من داخل الدمار والدم السوري كان مطلوبا وبقوة فالمصور المغامر (أبو حسن) صنع أسطورة من العمل التلفزيوني وحده وعبر كاميرا صغيرة محمولة مع جهاز كومبيوتر بعدما ضجر من سماع تلفزيون بشار الأسد وهو يتهم الجزيرة والعربية بالتآمر على نظام الشرعية والممانعة والمقاومة.
أبو حسن يتكوم بمهارة مع كاميرته داخل أحشاء البنايات التي يهدمه جيش النظام على سكانها بدعوى مطاردة الإرهابيين فيسجل بعض اللقطات ويبثها للعالم .. أول مرة في حياتي أسمع عن مدينة بكاملها تقصف لأن إرهابيا مفترضا عبر منها أو تجول أو إحتمى بها.
الأمريكيون عندما ضربهم زلزال غزوة نيويورك لم يدمروا مدينتهم الرئيس السوري يفعل ذلك مع حلب ومستوى الإستفزاز وصل لحد إصطياد أبو حسن المصور الثائر بين الأحشاء.
ولأن أبو حسن لم يكن هدفا سهلا وتمرس في العبور بين أحشاء البنايات المدمرة كانت الطريقة الوحيدة إحراق المبنى الذي شك جيش النظام بأن الرجل يختبئ به بمن فيه.. هذا ما حصل فقد سقط أبو حسن حريقا وتحول إلى قصة وأسطورة حلبية ترويها فضائية سكاي نيوز الناطقة بالعربية حتى ان زميلا في عمان وصف أبو حسن بالعبارة التالية (كان عميلا للحقيقة).
إنضم العقدة بالنتيجة لشهداء الحقيقة وشهودها من زملائنا الذين سقطوا في العراق ولبنان وفلسطين وسائر بلاد المسلمين والكرة الأرضية .
طوبى لشهداء الصحافة الحقيقية والخزي والعار لمن طاردهم وقتلهم سواء إرتدى بزة جيش الدفاع الإسرائيلي المتوحش أو لبس زي قوات المارينز أو إدعى أنه يقتل حرصا على المقاومة والممانعة أو حتى حرصا على تعليمات السماء.
كنافة أبو زنط النابلسية
للشيخ الداعية الكبير عبد المنعم أبو زنط طعم ولون ونكهة خاصة دوما فالرجل محاط بشعبية طاغية وبرلماني مخضرم وقيادي سابق في الأخوان المسلمين والأهم انه يطعم من يزوره طبقا من الكنافة النابلسية يعده بيديه متحديا بقية المطاعم في المعمورة.
ميزات أبو زنط كثيرة ومتعددة ولم يكن من بينها يوما ظهور إسمه على شاشة التلفزيون الأردني فقد كان دوما وأبدا من المغضوب عليهم ولم تفرد له أي مساحة محترمة على الشاشة اليتيمة رغم أنه من أكثر شخصيات عمان شهرة ونفوذا وسط الناس.
صديقنا وزميلنا الذكي شرف أبو رمان إلتقط إسم أبو زنط مستقرا على خبر خاص في أسفل شاشة تلفزيون الحكومة فكانت لقطة مهنية خبيثة بإمتياز .. ما الذي يفعله أبو زنط على شاشة تلفزيون الحكومة؟
الرجل ظهر داعيا المواطنين للمشاركة في زفة إنقاذ عملية التسجيل للإنتخابات.. الأهم أن إستعانة الدولة بالشيخ أبو زنط يعني عمليا أن خيارات (إستجداء) التسجيل كما يسميها الدكتور عمر الجازي إستنفدت بما في ذلك الخيارات الإحتياطية .
عندما يتنازل تلفزيون الحكومة ويستقر أسفل شاشته لأول مرة إسم رجل مثل أبو زنط يعني ذلك أن الدولة وأجهزتها في أزمة وأن عملية البحث مستمرة عن (نكهات) إسلامية مستقلة في البرلمان المقبل تغطي غياب الأخوان المسلمين المحتمل.
طبعا هذه ليست مفاجأة بالنسبة لمن يتابعون الأمر جيدا فلم يبق على الأجهزة الرسمية إلا أن تمسك كل مواطن من كتفيه لإجباره على التسجيل حيث يصر الإسلاميون الذين يقاطعون العملية بأن بعضهم صدرت بإسمهم بطاقات إنتخاب (مجانية) وسلمت لهم.
قريبا قد يقدم التلفزيون تنازلا أكثر أهمية للشيخ أبو زنط فيدعوه لإدارة برنامج خاص أملا في ذهاب أتباعه الكثر نحو التسجيل والأمر قد يحدث فارقا فأبو زنط خبير ودمه خفيف ويجيد العربية أكثر من جميع نجوم الشاشة وقاعدته النسائية عريضة جدا وأملي أن لا يتورط ببرنامج عن الإقراض الزراعي أو فقاسات البيض أو وصفات إعداد الكنافة.
شيخنا الجليل ينبغي أن لايقبل أقل من برنامج يعيد فيه التذكير بخطاياته الشهيرة التي هدد فيها إسرائيل فلا زلت من صباي أحتفظ بشريط كاسيت يعلن فيه أبو زنط أنه يستطيع جمع 50 الفا من المقاتلين والتوجه بهم إلى جسر الملك حسين خلال ساعات .
وحتى لا يغرق الأخوة القراء بالأوهام أبلغهم بحقيقة الأمر: عمان العاصمة فيها مليون و450 الف مواطن يحق لهم الإنتخاب .. سجل من هؤلاء 400 ألف ناخب فقط مما يعني أن أهل عمان في غالبيتهم غير مهتمين بالإنتخابات.. هنا نتحدث عن العاصمة ومدينة الكثافة السكانية والشيخ أبوزنط مطلوب منه إنقاذ الموقف أو ترقيعه على أبعد تقدير .