حكومة مؤقتة
تنشغل عمان باسم الرئيس المقبل،والكل يتكهن حول اسمه،وبورصة الاسماء لم تترك احدا،الا وطرحته،مرة من باب التوقع،ومرة من باب حرق الفرصة،ومرة ثالثة من باب الترويج.
ليس مهماً الاسم.فالحكومة المقبلة امامها مهمة اساسية هي اجراء الانتخابات النيابية،والتعامل مع تداعيات الوضع الاقتصادي،في الربع الاخير من العام،بالاضافة الى تهدئة الشارع،حتى يمر هذا العام على خير.
في المعلومات ان التوجه هو لحكومة جديدة اخرى بعد الانتخابات،وهذا يعني ان الحكومة التي ستأتي لن تستمر،والاغلب ان تتم استشارة مجلس النواب المقبل،حول هل يريدون الرئيس الموجود لحظتها،ام يرغبون بتشكيل حكومة جديدة برئيس جديد؟.
هذا الذي يعنيه الكلام عن حكومة برلمانية،وهي وصفة يعترض عليها سياسيون كبار،لان لا احزاب ستوصل نوابا الى البرلمان،وستتم الاستعاضة عن ذلك،بمشاورة الكتل البرلمانية،وربما ادخال نواب الى الحكومة كوزراء،والحكومة البرلمانية لا تكتمل وصفتها الا بمشاركة الاسلاميين وبقية الاحزاب،وهذا امر لم يثبت حتى الان.
اسوأ شيء قد نفعله هو ادخال النواب كوزراء في الحكومة المقبلة،واعتبار ذلك حكومة برلمانية،لان الدمج بين الوزارة والنيابة ثبت ضرره في التجارب السابقة،ولان النواب سخرّوا وزاراتهم لمصالحهم،ولان الفصل اساسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية،فان اعادة تجربة توزير النواب،لا يمكن اعتباره بمثابة حكومة برلمانية،وبديلا كافياً عن التوصيف الاساس لفكرة الحكومة البرلمانية.
هذا يعني ان البديل هو استشارة الكتل النيابية،في حكومة ما بعد الانتخابات،والاستشارة هنا،لاتؤدي الى حكومة برلمانية،فالاستشارة لاتختلف في مضمونها النهائي،عن منح الثقة او حجبها،لان مبدأ التصويت على الثقة يعني استشارة النواب في الحكومة الجديدة،فاما يقبلونها واما يطرحون الثقة فيها.
كل ماسبق يأخذنا الى ان التردد في بقاء الحكومة التي ستجري الانتخابات،لصالح حكومة جديدة ايضاً،امر مكلف،خصوصا،انها ستكون الحكومة السادسة،خلال عامين وفقا لتوقيت الربيع العربي،وسوف ننشغل مجددا باسم الرئيس،باعتبارها اللعبة الاكثر تسلية بين النخبة والعامة.
لاجل ذلك لابد من اختيار الرئيس الذي سيجري الانتخابات،بعيدا عن فكرة الرئيس المؤقت،ووضع حساب اكتواري امام احتمال بقائه لما بعد الانتخابات،وبهذا المعنى فان حصر الاختيار في اسم مؤقت لمرحلة مؤقتة قد لا يكون حكيما تماما،ولابد من اختيار رئيس لاجراء الانتخابات،مع دراسة احتمالية استمراره لما بعد الانتخابات.
كثرة تريد من المؤسسة العامة ان تنحصر في اطار «المؤقت» وهذا يحشر الخيارات في زاوية ضيقة،والمؤقت هنا هو مهمة اجراء الانتخابات،وبما اننا لن نشهد حكومة برلمانية بالمعنى الحرفي،ولانحتمل كلفة حكومة سادسة بعد الانتخابات،فمن الافضل ان تكون الحكومة المقبلة مؤهلة منذ البداية للاستمرار الى مابعد الانتخابات.
كل هذا يقول ان عليكم ان لاتختاروا رئيسا مؤقتا لحكومة مؤقتة،مهمتها الانتخابات فقط،وان تضعوا في حسابكم اختيار اسم يكون صالحا للعبور الى مرحلة مابعد الانتخابات،وهذا ترشيق سياسي،ينهي الارهاق ولعبة تغيير الحكومات في البلد.
اعصابنا مرهقة من فكرة المؤقت والمراحل،ونريد لمرة واحد ان نتصرف بشكل مستقر واستراتيجي.