بأي الأوراق تلعب المعارضة؟

جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي المتمثل بحزب جبهة العمل الاسلامي، والحراكات الأردنية الأخرى، التي أصبحت تتلقى تعليمات «تنظيمية» من المجلس الأعلى للإصلاح، الذي يضمها جميعا، تدعو الآن لتجميع الكتلة الحرجة، وهي عدد من معتصمين يتجاوز 40 ألفا، لتوصيل رسالة «دولية» بالدرجة الأولى، تعبر عن حجم المطالبة بالإصلاح وموقف المحتجين الرافض لسلوك الحكومة البطيء على هذا الصعيد، وثمة تساؤل حول «الحرج والإحراج» و الحكمة الضائعة ..

ماذا لو اجتمعت جماهير أخرى، من أردنيين يؤيدون الحكومة، ويعلنون رفضهم للكتلة الحرجة؟ اتوقع أن يحتشد آخرون قد يبلغ تعدادهم أكثر من 50 الفا في كل محافظة، تزامنا مع اعتصام او مسيرة الكتلة الحرجة، فهل سيقوم الاعلام العالمي والمتابع بتجاهل مثل هذه الكتل البشرية الكبيرة؟

يحق للمحتجين السلميين التعبير عن رفضهم بكل الوسائل الديمقراطية، والكتلة الحرجة التي يتم التحشيد لها من قبل المعارضة، هي حركة مقبولة سياسيا، ومقبول سياسيا أيضا أن يتم تجميع «كتل بشرية أكبر» لإرسال رسالة سياسية مضادة لرسالة المعارضة وتكون أكثر تأثيرا اعلاميا وسياسيا..

لا نؤيد التباطؤ في عملية الإصلاح بالطبع، ولنا ملاحظات حول قانون الانتخابات، وهي ملاحظات غالبية عظمى من الأردنيين وعلى رأسهم الملك عبدالله الثاني، حيث أوصى بإعادة النظر فيه من قبل مجلس الأمة، وتحدث مؤخرا للإعلام أنه ربما ليس القانون المثالي لكنه «الممكن»، وفي حدود الممكن نتحدث لكل السياسيين الأردنيين في المعارضة وفي الحراك السلمي الوطني الذي نحترمه ونحترم أهدافه بلا أدنى شك.

نتحدث عن جماعة الإخوان باعتبارهم الجهة المعارضة الأكثر تنظيما وتأثيرا، حول موقفهم من الملكية الدستورية، ولا أحد ينكر تمسكهم بالقيادة الهاشمية، ورفضهم للملكية الدستورية، وفي الوقت نفسه مطالبتهم بتعديل عدة مواد في الدستور الأردني، متعلقة بصلاحيات الملك، وهو موقف سياسي واضح قد يكون متوازنا في أي ظرف سياسي غير الظرف الحالي، حيث عبر الملك عبدالله الثاني ومازال عن سير «منطقي» متدرج في عملية التغيير والإصلاح، وحين نعلم أن شعار المعارضة الإسلامية هو «المشاركة وليس المغالبة»، يصبح من المنطق الحديث عن «الحكمة» وبعيدا عن «الحرج» وأدبياته..

حسب قانون الانتخابات الجديد، الذي أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي رفضه له وقرر مقاطعة الانتخابات بسببه، يمكننا أن نتوقع حصول حزب جبهة العمل الاسلامي على ربع مقاعد المجلس النيابي القادم، وهو رقم يعبر عن «مشاركة» فاعلة، خصوصا حين نعلم أن مجلس النواب الرابع عشر مثلا، كان يضم 17 نائبا عن الحزب وهو أقل بكثير من ربع 110 الذي هو عدد نواب المجلس آنذاك، وكانوا يقومون بدور فاعل جدا لدي حوله تفاصيل كثيرة، تؤهلني للقول عن فاعلية الرقم 17 وفاعلية اكبر لربع متوقع ..

أعتقد أن حزب جبهة العمل الاسلامي يستطيع المشاركة بالانتخابات القادمة مع إبقاء ساحة المناورة السياسية مع الحكومة، والاحتفاظ بمواقفه السياسية من العملية الإصلاحية، والمبادرة السياسية المؤثرة، وليس من شك في رشاد تفكير قيادات الحزب، ومعرفتهم أن الضغط من خلال التواجد في المجلس أبلغ وأكثر أثرا، حيث يكسب الحزب أوراقا سياسية جديدة أكثر تأثيرا حين يشارك ويتواجد في المجلس، منها على سبيل المثال لا الحصر «التلويح بالاستقالة من المجلس» التي قد يكون لها الأثر الأبلغ في اسقاط حكومات وإعادة انتخابات..

نقول هذا لأننا نحب الوطن ونتمنى أن يستقر أكثر ويحقق تقدما على كل صعيد خصوصا في مجال الحريات والديمقراطية، ولا أعتقد أن المعارضة الأردنية تفكر بغير هذه الطريقة، وتعلم أن السياسة فن لا ينتهي ولا يمكن أن تتقلص مساحة المناورة السياسية أو تضيق لدرجة «الحرج والاحراج»..