الحملة على «الإخوان» .. المكونات والدوافع

التسريبات التي لم ينقطع سيلها، عن "قنوات خلفية” للحوار بين "الحكم” و”الإخوان” لم توقف حملات "التجييش” و”الشيطنة” التي تكاد تحاصرهم من "أربع أرجائهم”...بل على العكس من ذلك تماماً، فكلما تنامت الأخبار عن "انتعاش” هذه القنوات، وانفتاح المزيد منها، كلما رأينا هذه الحملات وقد اشتد وطيسها، وكلما رأينا التحالف المناهض للحركة الإسلامية وقد توسعت صفوفه بانضمام عناصر وجهات جديدة إلى صفوفه، وإن بدوافع مختلفة.

وإذا كان ما اصطلح على تسميته بقوى "الشد العكسي” قد شكل ويشكل، العمود الفقري لهذا الائتلاف المناوئ للإصلاح أساساً ( أكثر من مناوئته للإخوان)، فإن بعض القوى على الساحة ، قد وجدت ضالتها في "قرار المقاطعة” لتبذل ما بوسعها لاقصاء الإخوان، ، عن المشهد السياسي الأردني، أقله لأربع سنوات قادمة...بل أنها في سبيل ذلك، أبدت مبكراً وتبدي الآن، استعداداً حاسماً، للتخلي عن "مزاعمها الإصلاحية” بحجة حماية الأردن من "التوطين” و”الوطن البديل”، وحفظ هويته الوطنية في مواجهة محاولات "الإسلام الأمريكي” جر الأردن إلى ما لا يرتضيه أبناؤه ولا يشتهون.

وعلى خلفية "الافتراق” حول الموقف من الأزمة السورية، رأينا يساريين وقوميين، يضربون بشعاراتهم الإصلاحية عرض الحائط، ويطالبون بإجراء انتخابات "بمن حضر”..في نقلة نوعية لخطابهم المناهض للإصلاح في سوريا ليشمل الأردن...لسان حالهم يقول: إن كان الإصلاح سيأتي بالإخوان إلى البرلمان (وليس إلى الحكم فقط) فما حاجتنا إليه؟..دعونا نجري الانتخابات كيفا اتفق...دعونا نتسعجل التسجيل ونحث عليه، حتى وإن تم ذلك بالاستعانة بـ”سلطة أوسلو” التي طالما صبوا جام غضبهم عليها، وكالوا لها الإتهامات جزافاً...كل شيء يبدو مبرراً الآن طالما أن المطلوب هو: إقصاء الإخوان.

رأينا صحفيين وكتاباً ينضمون للحملة بشراسة!!!!

والحقيقة أن حملات "التجييش” و”الشيطنة” تبدو في غاية الإرباك، وسطحية تماماً...وأزعم من دون أرقام أو إحصاءات، بأنها زادت في شعبية "إسلاميي بلادنا” بدل أن تضعفها...

للإسلاميين ما لهم وعليهم ما عليهم...ليس في الشأن الديمقراطي – المدني فحسب، بل وفي "المسألة القومية” المتعلقة بالصراع العربي – الإسرائيلي والموقف من القضية الفلسطينية و”تحالفات الحرب البادرة” التي تطل برأسها...هذه أسباب للخلاف والإختلاف مع الإسلاميين، لكن ليس من بينها سبب واحد يكفي لعزلهم وإقصائهم....هناك أسباب أخرى عديدة نجحت في تجميع هذا التحالف المناهض لهم...تبدأ بوزنهم التمثيلي ، ولا تنتهي بما يجري في "ربيع العرب” من حولنا، وبالذات في سوريا.

أياً يكن من أمر، نحن ما زلنا نأمل نجاح "القنوات الخلفية” في اجتراح المعجزات...ما زلنا بانتظار مبادرة انقاذية، تجمع ولا تفرق، تبدد الاحتقان بدل أن تصب الزيت على النار..تمنع الاستقطابات والتهميش وتعالج الاختلالات في العلاقة بين الدولة وجميع أبنائها، وتجسر ما بين المواطنين على اختلاف مشاربهم ومنابتهم...نحن بحاجة لانتخابات وبرلمان، يكونان مدخلاً للحل، لا سبباً في المزيد من المشاكل والتأزمات.