على هامش أحداث جامعة مؤتة..

على هامش أحداث جامعة مؤتة.. "الطبطبة" لم تعد تجدي نفعاً
كتب: محمد رشد الرواحنه
بحكم أنني أحد أبناء عشائر الحمايده ومِن أبناء لواء ذيبان في محافظة مادبا، وبحكم علاقتي الشخصية مع الكثير من أهالي الطلاب الـ 11 المفصولين مِن جامعة مؤتة، وبحكم التطورات التي جرت اليوم مِن قيام أهالي الطلاب وعدد كبير مِن أبناء عشائر الحميدة بتنفيذ وقفة إحتجاجية أمام جامعة مؤتة إعتراضاً على القرار، وحيث إستمعتُ إلى تفاصيل كثيرة ودقيقة حول حيثيات ما جرى أثناء لجان التحقيق التأديبية التي شكلّتها رئاسة الجامعة إثر أحداث المشاجرات التي جرت قبل أكثر مِن أربعة أشهر في الجامعة، فإن الأمر يستدعي تسليط الضوء والمناقشة والحوار الهادف للوصول إلى حلول جذرية لا معالجات سطحية لا تلامس حتى قشور المشكلة وأسبابها ونتائجها.
وما أزعجني –حسب ما سمعته مِن الطلاب وأهاليهم- أن هناك تحيزاً واضحاً ضد مجموعة معينة مِن الطلاب المتهمين بإشتراكهم في تلك المشاجرات التي نشجبها، وما تأكدتُ منه حد اليقين أن وساطات تدخلت لإلغاء العقوبات ضد طلاب مِن محافظات وعائلات بعينها، وهو أمر شعر معه الطلاب الذين شملهم قرار الفصل بالشعور بالغبن والظلم والحَنق، حيث ثبت لهم يقيناً أنهم مستهدفون دون غيرهم لأنهم "ما إلهم ظهر يستندون إليه" حسب تعبيرهم. وهناك تفاصيل أخرى ليس مجال لسردها، لأن غايتنا ليس صب الزيت على النار، ولا تأجيج المشكلة. لكنها بعض حقائق لا بد مِن كشفها ومواجهتها ووضع الجميع بصورتها، حيث يؤكد ما جرى أن لدينا أصحاب قرار منشغلين بالتفكير ملياً بكيفية المحافظة على المنصب وغافلون عن الوطن وعن تحقيق العدل بين أبنائه.
وأكثر ما نخشاه أن يستمر بعض أصحاب القرار في الجامعات بتطبيق قوالب جاهزة على قاعدة "نسخ ولصق" لتجارب سابقة مِن غير جدوى ولا مِن شأنها إلا تعزيز مفهوم أن الادارات الجامعية والعمادات الطلابية تفتقر لرؤية واضحة في معالجة القضايا الحساسة والشائكة، الأمر الذي مِن شأنه أن مستوى الكبت وطاقة التفريغ ستوجه بطريقة سلبية، وبالتالي ينجرف الطلاب الى أشكال عنف جديدة وغير متوقعة، والنتيجة زيادة الفجوة في إطار وإسقاط معنى الهوية الوطنية وتفريغها مِن محتواها واكتساب مفاهيم غير صحيحة، بما ينعكس عليهم بالاحباط، فنقتل بذلك الطاقات الكامنة التي هي رأس المال الحقيقي لإستثمار الطاقات الخلاقة في مسيرة التنمية المستدامة.
إن ما يحدث مِن تغييب القدوة وتعزيز المفهوم السلبي للوساطات والمحسوبيات، وتكريس الطابع الإجتماعي السلبي في العلاقات الإنسانية بين الطلبة أنفسهم وبين الطلبة والهيئات التدريسية، وتطبيق الأنظمة والتعليمات بشكل إنتقائي. يشير إلى غياب الرؤية الواضحة والبرامج الفعالة ذات الأثر العميق والطويل الأمد على شخصية وسلوك الطالب، ويشوه مفاهيم أساسية في معاني الهوية والانتماء الشامل للعلم والعمل والاسرة والوطن والامة وتكريسها في مجالات ضيقة.
الأردن وطن الجميع، و"الطبطبة" لم تعد تجدي نفعاً، ونؤكد أنه لا بد من مراجعة رئاسة الجامعة لقرارتها التي جاءت على حساب فئة "مستضعفة"، ولا بد مِن اتخاذ سياسات علمية وليست عقابية فقط، وإن إضطررنا لإجراءات عقابية فلا بد وأن تستند إلى العدل والإنصاف وعدم التمييز بعيداً عن المنبت والعرق، فالمواطنة هي في الانتماء للوطن، والمواطنون متساووون بالحقوق والواجبات، والمواطنة الحقيقية تقتضي تطبيق القوانين على الجميع دون استثناء. فالعادلون هم الذين يضيفون على مواطنتهم الحقيقية بصمات راسخة لتكون دروساً للأجيال القادمة.