رفع الأسعار.. والانتخابات
يخطئ من يعتقد أن الانتخابات النيابية ، إذا أجريت في شهر كانون الأول أو الثاني المقبلين، ستجعل من الأسهل على الأردنيين تقبل الرفع التدريجي للدعم عن المواد الأساسية، وبالتالي ارتفاع أسعارها .
قد يكون هناك صحة جزئية لهذا التفكير لو كانت انتخابات وفقاً لنظام انتخابي يتيح تمثيلاً ومشاركة واسعين، وليس وفقاً لقانون الانتخاب الإقصائي، لأنه حينها قد نثق بمجلس تشريعي يضغط على الحكومة لإيجاد بدائل اقتصادية ، من موارد دخل للدولة إلى إعادة توزيع الإنفاق حتى لا تدفع الفئات الواسعة ، خاصة الفقيرة من كدها ودمها.
الانتخابات ليست حلاً سحرياً، لكن التمثيل الواسع هو شرط ضروري لاستعادة الثقة؛ فالخروج من عنق الزجاجة يتطلب المكاشفة والشفافية و المشاركة والرقابة والمساءلة - فالوضع الاقتصادي الاجتماعي لا يتحمل أيا من السياسات القديمة التي ضحت بأهم مقدرات البلاد الإستراتيجية.
يبدو أن الحل الوحيد الذي يراه البعض هو الهروب للأمام من خلال الانتخابات ، وكأن المشاكل الأصلية ستختفي ولم يعد هناك حديث أو مطالبات بشأن صفقة الفوسفات، وسبل استعادة مقدرات الوطن بمجرد" نجاح الانتخابات".
النظام يراهن على كسب جولة الانتخابات، لكن حتى لو ربحت الجهات الرسمية هذه المعركة، بعد أن تم تصويرها كمواجهة مع الإسلاميين، نبقى بحاجة إلى إرادة تغيير حقيقية، كي نتقدم إلى الأمام لأن في حالة الهروب سنُصدم ونُصدم بحواجز وجبال من الأزمات المتراكمة والمتفاقمة.
من الواضح أن الجهات الرسمية قررت العودة إلى قرار سابق بالرفع التدريجي للدعم، بعد الاحتجاجات مقابل قرار رفع الأسعار، في تقدير لها أنها ستتمكن من إدارة الأمور والسيطرة عليها ، بعد الخلاص من أزمة الانتخابات، وبدئها بنظام جديد من الدعم عن طريق" الشيك"، للفئات الأكثر تضرراً.
عدا أن الانتخابات، تتجاهل أسباب الأزمة الرئيسية، فما يسمى بسبل الدعم المستهدف ، عليه تساؤلات كثيرة من حيث الطريقة، التي قد تجرح مشاعر الناس، كذلك في صعوبة تحديد المستحقين، خاصة أن رفع الدعم يعني تدني المستوى المعيشي للطبقة الوسطى و تضييق الطريق على فرص الفئات الفقيرة في الانتقال الطبقي إلى الأعلى عمودياً واجتماعياً.
سياسات رفع الدعم، التي هي عماد وصفة صندوق النقد الدولي حول العالم، والتي تنجح دائماً في إثارة الهبات الاجتماعية، تطرح أسئلة دائمة حول أولويات الإنفاق، التي في الحالة الأردنية تأخذ بعداً هاماً إذا أخذنا بالأرقام التي تقارن بين تكلفة الدعم الحكومي والدخل المتأتي من ضرائب المبيعات على المواد نفسها، خاصة مشتقات الطاقة، المقرر رفع الدعم عنها.
الاقتصادي الشاب جواد عباسي، نشر مؤخراً مقارنة حسابية معتمداً على الأرقام الرسمية تتحدى السياسات التي تتبع بإيمان غريب وصفات التقشف الاقتصادية الدولية، نورد هنا مثلاً دالاً منها:
-مجمل دعم السلع والمحروقات ما بين 2004 و 2011 لم يتعدَ 27% من حصيلة ضريبة المبيعات للفترة نفسها .
أي أن الشعب يدعم مؤسسات الدولة وليس العكس، وأن المسألة لا يمكن حصرها في ضيق الموارد بل في قرار الصرف وسياسات تتبع نموذجاً أدى إلى أزمات مالية واجتماعية في دول العالم، بما فيها الدول الرأسمالية الغنية.
هذه الأسئلة تعيدنا إلى أهمية التمثيل الحقيقي والمشاركة الحقيقية في صنع القرار، تضمنه ليس انتخابات حرة ونزيهة فقط بل قانون انتخاب متقدما، دون إغفال شرط فصل السلطات ، حتى يكون لدينا مجلس نواب حر لا يعمل بأوامر وتحت ضغوط رسمية.
مجدداً لا يمكن الترويج للانتخابات بأنها الحل، فالأزمة عميقة، عدا أن الخطوات الرسمية الأخيرة ، قد أدت إلى زيادة الاحتقان، خاصة في ظل استمرار اعتقال ناشطي الحراك، وتحويلهم إلى محكمة أمن الدولة ، لأن في ذلك وصفة للتأزيم والتهميش والظلم.
قد يكون هناك صحة جزئية لهذا التفكير لو كانت انتخابات وفقاً لنظام انتخابي يتيح تمثيلاً ومشاركة واسعين، وليس وفقاً لقانون الانتخاب الإقصائي، لأنه حينها قد نثق بمجلس تشريعي يضغط على الحكومة لإيجاد بدائل اقتصادية ، من موارد دخل للدولة إلى إعادة توزيع الإنفاق حتى لا تدفع الفئات الواسعة ، خاصة الفقيرة من كدها ودمها.
الانتخابات ليست حلاً سحرياً، لكن التمثيل الواسع هو شرط ضروري لاستعادة الثقة؛ فالخروج من عنق الزجاجة يتطلب المكاشفة والشفافية و المشاركة والرقابة والمساءلة - فالوضع الاقتصادي الاجتماعي لا يتحمل أيا من السياسات القديمة التي ضحت بأهم مقدرات البلاد الإستراتيجية.
يبدو أن الحل الوحيد الذي يراه البعض هو الهروب للأمام من خلال الانتخابات ، وكأن المشاكل الأصلية ستختفي ولم يعد هناك حديث أو مطالبات بشأن صفقة الفوسفات، وسبل استعادة مقدرات الوطن بمجرد" نجاح الانتخابات".
النظام يراهن على كسب جولة الانتخابات، لكن حتى لو ربحت الجهات الرسمية هذه المعركة، بعد أن تم تصويرها كمواجهة مع الإسلاميين، نبقى بحاجة إلى إرادة تغيير حقيقية، كي نتقدم إلى الأمام لأن في حالة الهروب سنُصدم ونُصدم بحواجز وجبال من الأزمات المتراكمة والمتفاقمة.
من الواضح أن الجهات الرسمية قررت العودة إلى قرار سابق بالرفع التدريجي للدعم، بعد الاحتجاجات مقابل قرار رفع الأسعار، في تقدير لها أنها ستتمكن من إدارة الأمور والسيطرة عليها ، بعد الخلاص من أزمة الانتخابات، وبدئها بنظام جديد من الدعم عن طريق" الشيك"، للفئات الأكثر تضرراً.
عدا أن الانتخابات، تتجاهل أسباب الأزمة الرئيسية، فما يسمى بسبل الدعم المستهدف ، عليه تساؤلات كثيرة من حيث الطريقة، التي قد تجرح مشاعر الناس، كذلك في صعوبة تحديد المستحقين، خاصة أن رفع الدعم يعني تدني المستوى المعيشي للطبقة الوسطى و تضييق الطريق على فرص الفئات الفقيرة في الانتقال الطبقي إلى الأعلى عمودياً واجتماعياً.
سياسات رفع الدعم، التي هي عماد وصفة صندوق النقد الدولي حول العالم، والتي تنجح دائماً في إثارة الهبات الاجتماعية، تطرح أسئلة دائمة حول أولويات الإنفاق، التي في الحالة الأردنية تأخذ بعداً هاماً إذا أخذنا بالأرقام التي تقارن بين تكلفة الدعم الحكومي والدخل المتأتي من ضرائب المبيعات على المواد نفسها، خاصة مشتقات الطاقة، المقرر رفع الدعم عنها.
الاقتصادي الشاب جواد عباسي، نشر مؤخراً مقارنة حسابية معتمداً على الأرقام الرسمية تتحدى السياسات التي تتبع بإيمان غريب وصفات التقشف الاقتصادية الدولية، نورد هنا مثلاً دالاً منها:
-مجمل دعم السلع والمحروقات ما بين 2004 و 2011 لم يتعدَ 27% من حصيلة ضريبة المبيعات للفترة نفسها .
أي أن الشعب يدعم مؤسسات الدولة وليس العكس، وأن المسألة لا يمكن حصرها في ضيق الموارد بل في قرار الصرف وسياسات تتبع نموذجاً أدى إلى أزمات مالية واجتماعية في دول العالم، بما فيها الدول الرأسمالية الغنية.
هذه الأسئلة تعيدنا إلى أهمية التمثيل الحقيقي والمشاركة الحقيقية في صنع القرار، تضمنه ليس انتخابات حرة ونزيهة فقط بل قانون انتخاب متقدما، دون إغفال شرط فصل السلطات ، حتى يكون لدينا مجلس نواب حر لا يعمل بأوامر وتحت ضغوط رسمية.
مجدداً لا يمكن الترويج للانتخابات بأنها الحل، فالأزمة عميقة، عدا أن الخطوات الرسمية الأخيرة ، قد أدت إلى زيادة الاحتقان، خاصة في ظل استمرار اعتقال ناشطي الحراك، وتحويلهم إلى محكمة أمن الدولة ، لأن في ذلك وصفة للتأزيم والتهميش والظلم.