إسرائيل تستخدم أقذر السبل الاستخباراتية لإبقاء الأردن ضعيفا اقتصاديا

أخبار البلد 
عاد البرنامج النووي الأردني الى دائرة الضوء، مشروعا وطنيا، يعول عليه صناع القرار في انتاج الطاقة للمساهمة في خليط الطاقة الكلي وتحلية مياه الشرب في بلد يستورد حوالي 97 % من احتياجاته من الطاقة، ويعد من الدول الافقر بمصادر المياه.
وسلط جلالة الملك عبدالله الثاني في لقاء مع وكالة الانباء الفرنسية قبل ايام الضوء على المشروع للحصول على طاقة نووية للأغراض السلمية، وابدى تفهمه للمعارضة الاردنية للمشروع "بسبب مخاوفها المتعلقة بالسلامة" كاشفا عن معارضة اشد، قادتها "اسرائيل"، بالضغط على الشركاء المحتملين للمملكة لإنجاز المشروع.
وفي الوقت الذي كشف فيه اللقاء الملكي عن معارضة خارجية قادتها اسرائيل للمشروع، ساق جلالته مبررات محلية تستدعي تنفيذ البرنامج النووي ابرزها الكلفة العالية لانقطاع الغاز المصري.
وكان العمل بالمشروع قد راوح مكانه بعد قرار نيابي بوقف العمل بالبرنامج النووي لأسباب مادية وفنية في انتظار الدراسات اللازمة للمشروع وسط وعود رسمية بالوصول الى توافق وطني قبل البدء به.
وقال رئيس هيئة الطاقة الذرية الاردنية الدكتور خالد طوقان لـ(بترا) ان جلالة الملك لخص برؤية ثاقبة ووضوح سعي الاردن نحو استخدام الطاقة النووية في الاغراض السلمية لحل مشكلتي الطاقة والمياه "وهما قضيتان تحتلان موقعا متقدما على سلم اولويات الامم والشعوب لارتباطهما المباشر باحتياجات النمو والتقدم الاجتماعي والاقتصادي".
وفي موضوع معارضة البرنامج النووي، قال طوقان ان موضوع المعارضة للبرنامج النووي الاردني، كان في البداية معارضة خارجية واضحة المعالم وبالذات من الجانب الاسرائيلي.
واضاف ان الاردن نجح بإيقاف هذه الهجمة الخارجية لما يتمتع به من مصداقية عالية واحترام كبير للقيادة الهاشمية في الاوساط الدولية، "وللأسف فلقد ظهرت هجمة داخلية بخطاب دعائي مضاد لهذا البرنامج، ما كلف الدولة الاردنية خسائر في الوقت والجهد والمال".
واستدرك الدكتور طوقان قائلا "لكن تم احتواء هذه الهجمة بجهود ابناء الاردن المخلصين وتفهمهم لأهمية هذا المشروع، والتزام الهيئة بتنفيذ البرنامج وفق الاسس والمعايير الدولية ومعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبمساعدة مستشارين عالميين متخصصين".
وعن موضوع الحاجة للبرنامج النووي الاردني قال طوقان ان مشكلة الطاقة تفاقمت خلال العقدين الماضيين بارتفاع حاد لأسعار الوقود الاحفوري (الغاز والنفط)، وزاد الامر سوءا بالنسبة للاردن الانقطاعات المتكررة لمصدر تزويد الغاز المصري بسبب تفجيرات متكررة لأنبوب نقل الغاز، فكان لا بد من ان يبحث الاردن عن مخرج له من هذه الضائقة.
واعاد طوقان التذكير بالاستراتيجية الوطنية للطاقة ودورها في استخدام مصادر الطاقة المحلية من الغاز الطبيعي، والصخر الزيتي، والطاقة الشمسية والطاقة النووية.
وبهذا الخصوص قال ان مؤسسات ذات اختصاص باشرت بالعمل للاستفادة من مصادر الطاقة المتاحة، مؤكدا ان جلالة الملك اوضح بما لا يدع مجالا للشك التزام الاردن بالسير بالبرنامج النووي بمحاوره الرئيسة المتضمنة استغلال اليورانيوم الطبيعي كوقود للمحطات النووية الاردنية كبديل عن استيراد الوقود الاحفوري من الخارج والعمل على تنفيذ مشروع بناء المحطة النووية الاردنية لتوليد الكهرباء من خلال بناء مفاعل او اثنين بقدرة الف ميغاواط لكل مفاعل، حيث ستكون هذه الكهرباء المولدة نوويا مستدامة وذات جدوى اقتصادية كبيرة مقارنة بالبدائل التقليدية.
واعاد الدكتور طوقان التذكير بمقومات نجاح المشروع في المملكة بالتأكيد على ان الدراسات والتحاليل المخبرية اثبتت حتى الان ان الاردن يمتلك مخزونا استراتيجيا من اليورانيوم (الكعكة الصفراء) يقدر بأكثر من ثلاثين الف طن في منطقة وسط المملكة.
كما يمتلك احتياطيا آخر في منطقة الحسا يتجاوز خمسة وعشرين الف طن اضافة الى مائة الف طن في خامات الفوسفات الاردني.
وطمأن الدكتور طوقان المواطنين والمعارضين للمشروع قائلا "ان هيئة الطاقة الذرية تسعى وبكل ما اوتيت من امكانات للعمل على امتلاك طاقة مجربة ومثبتة عالميا ومنافسة اقتصاديا وهي الطاقة النووية"، مشيرا الى ان الهيئة وصلت الى مرحلة متقدمة لإعلان الجهة المناسبة التي ستقوم بتزويد الاردن بمفاعل نووي من الجيل الحديث (الجيل الثالث +) والذي يمتلك مواصفات فنية وتقنية ويتميز بخواص الامان والسلامة النووية في ظروف البيئة الاردنية.
واشار الى محور العمل على تنمية الموارد البشرية الاردنية اللازمة للبرنامج النووي من خلال توظيف وتدريب وتأهيل الكفاءات الاردنية.
وقال ان الهيئة تواصل سعيها لبناء الكوادر البشرية اللازمة للبرنامج النووي الاردني من خلال بناء المفاعل النووي البحثي الاردني في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية، ليكون صرحا علميا اردنيا في شمال المملكة لتدريب الطلبة واجراء البحوث العلمية، وانتاج النظائر المشعة المستخدمة في الطب.
كما تسعى الهيئة نحو تأهيل وتدريب فئة من المبعوثين الاردنيين في جامعات عالمية من خلال اتفاقيات التعاون الثنائي مع الدول المتقدمة في المجال النووي.
واكد طوقان ان الطاقة النووية هي طاقة المستقبل في كثير من دول العالم، فهي طاقة موثوقة، ومجربة ومنافسة اقتصاديا، وعدد المفاعلات النووية في تزايد مستمر ولن تؤثر على وتيرة تقدمها حوادث حصلت هنا وهناك، بل بالعكس ستكون هذه الحوادث بمثابة منعطف مفيد يخدم مسيرة الطاقة النووية ويؤدي الى تحسين الاداء وتحسين ظروف الامان والسلامة النووية، كما هو الحال بعد حادثة فوكوشيما اليابانية، فقد عمدت جميع الدول النووية الى اعادة المراجعة لسلامة مفاعلاتها النووية، بل لزيادة الحيطة وتحسين ظروف تشغيلها لطمأنة شعوبها.
ولخص دور الهيئة قائلا "نعمل ومنذ البداية لتحقيق رؤى جلالة الملك عبد الله الثاني نحو نقل وتوطين وامتلاك الطاقة النووية وتسخيرها للأغراض السلمية في الاردن".
واضاف ان ما جاء في رد جلالته في المقابلة الصحفية وضع النقاط على الحروف وشكل بداية جديدة وانطلاقة قوية للاستمرار في البرنامج النووي وانجاز مشاريع البرنامج ضمن الفترات الزمنية المحددة.
كما ان جلالة الملك شخص الواقع العالمي للطاقة النووية باستمرار كثير من الدول باستخدام الطاقة النووية لتلبية احتياجياتها من الطاقة اضافة الى تشخيص الواقع الاقليمي للطاقة النووية في منطقتنا من حيث احتكار بعض الدول للطاقة النووية ومحاولتها عرقلة مسيرة دول اخرى للحصول على هذه الطاقة لتحقيق الرفاه والرخاء لشعوبها ومواكبة التقدم العالمي في هذا المجال.
وقال ان حديث جلالته قد اكد عزم القيادة الاردنية المضي قدما في هذا المسار ليرتقي بالاردن الى مصاف الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا بما يحقق استقلال الارادة الوطنية بالاعتماد على الذات واستغلال الموارد المحلية المتاحة من المواد النووية مرتكزة بذلك على الانسان الاردني المبدع والقادر على الانجاز.
من جانبه لم يبد مدير مركز بحث وتطوير الطاقة المتجددة في جامعة الحسين بن طلال الدكتور ياسين الحسبان استغرابه من الموقف الاسرائيلي من البرنامج النووي الاردني، وقال انها توظف أجهزتها ونفوذها العالمي للضغط على الدول والشركات التي ترغب في التعاون مع الاردن والامارات والسعودية في بناء شراكة في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية للعدول عن نقل وبناء البرامج النووية فيها.
واكد "ان اسرائيل بموقفها هذا تسعى لان يبقى الاردن ضعيفا اقتصاديا امام جبروت الاقتصاد الاسرائيلي ولبسط نفوذها وسيطرتها على الوطن العربي وهي تستخدم اقذر السبل الاستخباراتية لتحقيق هذه الاهداف".
واضاف "اسرائيل كدولة نشأت في خاصرة الوطن العربي والتي تعتبر رأس الحربة للمخططات الاستعمارية واخذت على عاتقها عرقلة وممانعة كل المشاريع التنموية الاستراتيجية في الوطن العربي وتسعى من خلال اللوبي الصهيوني في المحافل الدولية الى منع نقل التكنولوجيا المتقدمة الى الوطن العربي، ومثال ذلك ضربها للمفاعل النووي العراقي حيث انها استخدمت اجهزة ووسائل استخباراتها في الكشف عن خطط البرنامج النووي العراقي من مصدره في فرنسا وتابعت دقائق الامور في نقل المعدات الى ان وفرت جميع الظروف لضرب وتدمير المفاعل النووي العراقي وايقاف البرنامج النووي العربي الوحيد آنذاك".
واشار كذلك الى مثال آخر وهو ضربها لموقع بناء المفاعل النووي السوري وضغطها على الولايات المتحدة الاميركية لتفكيك المفاعل النووي الليبي.
وفيما يتعلق بموقفه من البرنامج النووي قال الدكتور الحسبان ان عوامل وتحديات عدة جعلت منه معارضا للمشروع لكن البحث والتحري حوّله الى مناصر للمشروع بعد الاجابة عن هذه التحديات.
واوضح "ان معارضتي السابقة للبرنامج النووي الاردني كانت تنصب من الجانب العلمي خاصة المتعلق باختيار الموقع حسب متطلبات الوكالة الدولية للطاقة النووية وتوفر المصادر المتجددة لمياه التبريد وتوفير الامن والامان وادارة المخاطر المستقبلية وتوفير العقول والكوادر المهنية الماهرة من علماء ومهندسين وفنيين بالإضافة الى الحفاظ على البيئة".
وبين انه بدأ رحلة البحث والدراسة لبيان الحقيقة العلمية لهذه المحددات وشارك في مؤتمرات متخصصة، وزار بعض المفاعلات النووية في روسيا وعقد لقاءات مع القائمين على ادارة وتشغيل المحطات الكهروذرية، وناقش معهم كل محدد على حدة "وخص بالذكر علماء من روسيا وماليزيا والمانيا واميركا".
واشار الدكتور الحسبان الى لقاء يعتبره الاهم مع وزير الكهرباء في جامعة الدول العربية اثناء انعقاد الملتقى العربي لتحلية مياه البحر وتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة النووية والذي عقد في عمان هذا العام، وما تم الاتفاق عليه من ضرورة الربط الكهربائي العربي لإنجاح البرامج النووية في الوطن العربي كخيار استراتيجي لمواجهة تحديات الطاقة والمياه في المستقبل القريب.
وخلص الدكتور الحسبان الى ان التحدي في اختيار الموقع لن يأتي عبثا بل سيخضع لأدق التفاصيل حسب متطلبات الوكالة الدولية للطاقة النووية وتحت اشرافها موضحا ان موضوع توفير المياه المتجددة وبعد زيارة موقع محطة تنقية الخربة السمراء وما يجري من اعمال لتوسعتها "اجد" ان هذا المصدر وحسب ما صرح به العلماء اصحاب الخبرات الطويلة في هذا المجال يكفي لتزويد المحطة النووية بمياه التبريد حيث ان هذه المياه سيتم تدويرها واستخدامها لمرات عدة.
وفيما يتعلق بتحدي الامن والامان قال انه يخالف "المعارضين مع احترامي لآرائهم فالقوات المسلحة الاردنية قادرة ومؤهلة لحماية هذه المحطة امنيا بمهنية عالية ومشهود لقواتنا المسلحة هذه المهنية العالية عالميا".
اما فيما يتعلق بإدارة المخاطر المستقبلية ومن خلال "مشاهداتي" لحيثيات البرنامج هناك ادارة متخصصة في متابعة تفاصيل سير عمل البرنامج النووي الاردني في ادق التفاصيل الانية والمستقبلية وبالنسبة لتوفير العقول والعلماء الاردنيين والمهندسين والفنيين المؤهلين، فالبرامج المعدة لتأهيلهم في اعرق الجامعات العالمية وفي عدة دول للاستفادة من جميع الخبرات العالمية شاهد على قدرة ابناء الوطن للقيام بمهامهم بمهنية عالية وها هم ابناء الوطن يعملون في اعرق الشركات والجامعات العالمية وخصوصا في برامج الطاقة النووية.
وقال الدكتور الحسبان ان الكل يعلم بان الطاقة النووية تعتبر من "الطاقات الرفيقة بالبيئة" اذا ما توفرت كل عوامل الامن والامان اثناء البناء والتشغيل.
واضاف انه من هذه الثوابت والحقائق ومن خلال التعمق والتمحيص في الخيارات الاستراتيجية الانية والمستقبلية لتحديات الطاقة والمياه في الاردن والوطن العربي "اجد انه من واجبي ان اعترف" بهذه الحقائق والواجب ان نعمل معا لتطوير جميع الخيارات الاستراتيجية واخص بالذكر الخيار النووي بالتوازي مع الخيارات الاخرى لمصادر الطاقة.
واهاب بكل ابناء الوطن من الداعمين والمعارضين للبرنامج النووي الاردني والعربي الجلوس الى طاولة الحوار العلمي والعقلاني بعيدا عن التعنت والاهواء الشخصية والمصالح الضيقة واستيراد المعلومة الخاطئة والبناء عليها.
من جانبه قال نقيب الجيولوجيين بهجت العدوان "لا يخفى على احد ان اسرائيل تقف ضد اي مشاريع انتاجية في الاردن من اجل ابقاء الشعب الاردني يلهث وراء لقمة العيش وابقاء الوضع الاقتصادي كما هو عليه او جره الى الاسفل، ومن هنا فانني اتمنى على المعارضة الاردنية للمشروع ان لا تكون ومن حيث لا تدري الذريعة التي يستخدمها الصهاينة لحرمان الاردن من الحصول على الطاقة النووية".
واقترح العدوان من اجل "قطع الطريق" على اسرائيل ان ينخرط المعارضون للمشروع في حوار بناء وعلى اسس علمية وفنية واضحة مع هيئة الطاقة الذرية للوصول الى صيغة لإنجاح المشروع واستغلال اليورانيوم المتواجد في الاراضي الاردنية لإنتاج الطاقة الكهربائية لسد العجز المتزايد يوما بعد يوم نظرا لزيادة الطلب على الطاقة.
وخاطب العدوان القائمين على المشروع قائلا "ان على عاتقهم تقع مسؤولية توضيح جميع الحقائق والارقام حول المشروع للوصول الى اتفاق شعبي حول ضرورة اقامة المشروع". مؤكدا ان "الجيولوجيين الاردنيين لديهم الخبرة الكافية لإتمام اعمال التنقيب وتقييم خام اليورانيوم دون اللجوء الى شركات اجنبية اذا ما توفرت الامكانات المادية لذلك".
وقال "انني اؤكد ان الدراسات التي تمت للان لم تعط الرقم الحقيقي لتراكيز وكميات الخام في الاردن والذي تمت دراسته سابقاً من قبل سلطة المصادر الطبيعية وحسب الطرق العلمية الصحيحة التي اتبعتها السلطة".
واعرب العدوان عن امله ان لا يتم دفن المشروع وحرمان الاردن من ثرواته وطاقاته كما تم دفن مشروع النحاس في ضانا والمغنيسيا في البحر الميت وكما حرمت اتفاقية غير قانونية الاردن من استخدام الفوسفات في الاراضي الاردنية واعطاء حصرية غير قانونية لشركة الفوسفات الحالية وابقاء الفوسفات في باقي الاراضي الاردنية مدفونا رغم حاجة الاقتصاد الوطني لاستغلاله لرفد الخزينة وتشغيل الايدي العاملة.
وطالب الحكومة بالإسراع في انهاء اتفاقيات انتاج الكهرباء من الصخر الزيتي وحث الشركات على تقديم التسهيلات اللازمة لذلك.
من جهته نبه مفوض دورة الوقود النووي السابق في هيئة الطاقة الذرية الدكتور نضال الزعبي الى ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري لإدارة المشروع وإنجاحه.
اما مدير موقع محطة الطاقة النووية السابق الدكتور كمال خضير فأكد انه مع الارادة السياسية التي ترى في المشروع احد البدائل لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه ومع "توجه جلالة الملك للوصول الى برنامج نووي اردني شفاف"، مشيرا الى اهمية عدم هدر المال العام خلال مراحل تنفيذ المشروع .
واكد ضرورة الاستفادة من البدائل (الصخر الزيتي والطاقة المتجددة) لافتا الى التحديات التي تواجه المشروع وابرزها استخدام المياه العادمة في تبريد المشروع خاصة أن كميات المياه في المنطقة المستهدفة محدودة.