الضرائب على السوبر والعادي

اخبار البلد 
ردت وزارة الطاقة الأسبوع الماضي على مقال "مضخة الحكومة" المنشور بتاريخ 4/9/2012 بتوضيح وتصحيح منها للضرائب المفروضة على المشتقات وقالت بأن هذه الضرائب أقل مما ورد في المقال، ولكن أن الوزارة اتفقت بشكل غير مباشر في القيمة النهائية للضرائب على بنزين السوبر والعادي.
فالحكومة حسب وزارة الطاقة تضع الضرائب التالية على السوبر (أوكتان 95): 16% ضريبة مبيعات، و24% ضريبة خاصة، و0.6% ضريبة طوابع. أي أنها حسب رد وزارة الطاقة الذي نشر في العرب اليوم تضع 44% ضرائب حسب ما ورد في الجدول في ردها.
وبينما لا يوجد داع لعدم تصحيح قيم الضرائب ونسبها كما وردت من الحكومة فهي من يعلم بما تقوم به، لذا سنفترض أن ارقام الوزارة هي الأصح، ولكن حصيلة مجموع الضرائب الذي قدمته في الجدول مغلوطة وغير صحيحة، والسبب في ذلك أن ضريبة المبيعات تحسب على مجموع السعر الأصلي والضرائب الأخرى، أي أن ضريبة المبيعات توضع على 124.6% وليس على 100% وبهذا يصبح وطء ضريبة المبيعات 20% وليس 16%، ويصبح مجموع الضرائب 48%، وهو المجموع الذي أشرت إليه في مقالتي المذكورة. وللتوضيح، إذا كان سعر الليتر من المصفاة فرضا 100 قرش، يصبح سعره قبل ضريبة المبيعات 124 قرشا، ثم تضاف ضريبة المبيعات على المجموع الكلي وليس السعر الأصلي، وبهذا يصبح السعر النهائي للمواطن 148 قرشا وليس 144 قرشا مما يعني أن ضريبة المبيعات أصبحت 20 قرشا وليس 16 قرشا. ومن هنا فإن رد وزارة الطاقة يتفق تماما مع ما ورد في المقال. ومن الجدير بالذكر أن إضافة 1.5 % للسعر كنسبة مئوية لا يعتبر تعويما، بل هو إضافة ضريبية، فلقد جرت العادة في التعويم أن ينخفض السعر الأساسي الذي تحسب على أساسه الضرائب الأخرى، وبذلك تكون الحكومة قد أضافت ضريبة ومع ضريبة المبيعات ستحصل الحكومة على قيمة أكبر من 1.5%.
ومن خلال العملية الحسابية ذاتها بالنسبة للبنزين العادي (أوكتان 90) وباتباع المبدأ ذاته (وهو المتعامل به) في حسبة قيمة ضريبة المبيعات والتي تضاف على السعر شاملا جميع الضرائب الأخرى، سنجد أن المجموع الضريبي عليه ليس 22% كما أجابت الوزارة بل 24% كما ورد في المقال. وبهذا فإنه في المحصلة، وإذا ما صححنا عملية احتساب الضرائب التي أوردتها وزارة الطاقة، يصبح الجميع متفقا على المجموع الكلي لهذه الضرائب.
وتتبع الحكومات في الأردن هذه العملية الحسابية (أن توضع ضريبة المبيعات على السعر مضافا اليه الضرائب الأخرى كافة) في كل شيء تقريبا، ولهذا ففي المطاعم يضاف للفاتورة 10% مقابل الخدمة ثم يضاف ضريبة مبيعات 16% ليصبح أثرها في الفاتورة 17.6%.
ملاحظتان إضافيتان: أولا، تعتبر ضريبة المبيعات في الأردن (نتيجة نسبتها المئوية وطريقة وضعها) من الأعلى في العالم، وينفرد الأردن ودولتان أخريان خرجتا من النظام الاشتراكي قبل زمن قريب في أن نسبة ضريبة المبيعات فيها أعلى من نسبة ضريبة الدخل، وهو دلالة واضحة على أن واضعي هذه الضرائب يهتمون أكثر بمصالح ورفاه الأغنياء بدلا من الفقراء، مما أدى الى تباعد كبير ومتسارع على مدى العقد الماضي بين الأغنياء والفقراء في الأردن.
ثانيا، وهي ملاحظة تتعلق بالضرائب على اسعار المشتقات: يؤدي وضع الضرائب كنسب مئوية على سعر المصفاة، الى تضارب المصالح بين المستهلك والحكومة. فكلما ارتفع السعر، تستفيد الحكومة أكثر من الناحية الضريبية في أن تحصيلها الضريبي يرتفع، مما قد يعزو بعضهم للاعتقاد بعدم جديتها في البحث عن أقل الأسعار أو بعدم رغبتها في تحسين كفاءة إنتاج المصفاة. فارتفاع السعر سواء نجم عن ارتفاع الأسعار عالميا أو تدني الكفاءة في الشراء أو الإنتاج محليا سيؤديان الى أن تحصل الحكومة على دخل ضريبي فعلي أكبر (دون الحاجة الى رفع نسب الضريبة) من هذه السلع الضرورية المحتكرة من قبلها، وأيضا يؤدي ذلك الى تحفيز الحكومة وتوجيهها الى عدم تعويم الأسعار في حال النزول كما حصل قبل شهور، وتعويمها فقط ايام ترتفع الأسعار كما حصل مؤخرا. فعلى سبيل المثال حين يرتفع السعر بسبب ارتفاع السعار عالميا أو بسبب تدني الكفاءة من 100 الى 120 قرشا قبل الضريبة، يرتفع تحصيل الحكومة من الضرائب من 44 قرشا الى 52 قرشا تقريبا؛ وللتأكيد فإن مثل هذه الضرائب يؤدي الى كون الحكومة المستفيد الأكبر والوحيد من الغلاء الناجم، خاصة أن الطاقة تدخل في أسعار كل شيء، ويضع مصالحها على نقيض تام مع مصالح الشعب وبالتالي الاقتصاد الكلي.