اخبار البلد
أظهر الربيع العربي طبيعة القوى السياسية الكبرى ، فقد تأكد الوجود المتجذر للإخوان المسلمين وهو أمر متوقع باعتبار هذه الحركة ذات تاريخ طويل في العمل العام ولها رصيد من الأدبيات المستندة إلى تاريخ نضالي سواء على صعيد القضية الفلسطينية أو في سجون القهر التي بناها طغاة في هذا العصر . المفاجأة الواضحة هي بروز التيار السلفي في العمل العام مع أن هذا التيار كان يحصر نفسه في التراث والبحث فيه واستدعاء الخلافات الكلامية والفقهية التي عج بها التاريخ الإسلامي . وظلت المملكة العربية السعودية ودول الخليج هي الموطن الأصلي لهذا التيار مع وجود جمعيات وأفراد هنا وهناك ينتمون إلى هذا التيار . لقد انتقل السلفيون بانخراط ابن لادن في العمل الجهادي المسلح إلى مرحلة أخرى عنوانها القوة وليس مجرد البحث في التاريخ والخلافات بل تم نقل هذا الفكر إلى ميدان التطبيق وكان لأفغانستان الدور الاكبر في هذا على يد الراحل عبد الله عزام وصديقه أسامة ابن لادن وانضم إليهما أيمن الظواهري . وبعد 11سبتمبر واحتلال العراق زاد الوجود السلفي وظهر الزرقاوي الذي راح للتطبيق تاركاً التنظير للمقدسي . واليوم ومع الربيع العربي خرج السلفيون للشارع يزاحمون الإخوان على الجمهور والطرح ، وصار الإخوان في نظر المراقبين هم المطلب باعتبار أن السلفيين يأخذون بالشدة والمواقف الحدية ، وقد رأينا الإخوان يسيرون عند ساحة النخيل بينما السلفيون يذهبون إلى السفارة الأمريكية ، ورأينا السلفيين يطالبون بالانتقام من أمريكا بينما يجلس الإخوان في مصر مع رموز الإدارة الامريكية ويحاورونها سواء من خلال الرئيس محمد مرسي أو من خلال التصريحات اللافتة للنظر لخيرت الشاطر .
نعم هناك قواسم مشتركة بين الإخوان والسلفيين لكن هناك أيضاً نقاط خلاف لا يمكن تصغيرها بحال من الأحوال.
إن شعبية هذين التيارين زادت نتيجة لفشل المؤسسة الدينية الرسمية أعني الأوقاف والأزهر ويضاف إلى ذلك حالة الإحباط التي تعيشها الأمة الإسلامية نتيجة لسياسة الغطرسة التي تتبناها القوى الغربية ورأس حربتها إسرائيل دون ان تجد من الحكومات الرسمية ما يقابل تلك الغطرسة.